عن الزمخشري في ربيع الأبرار عن دارميّة الحجونيّة التي سألها معاوية عن سبب حبّها لأمير المؤمنين عليهالسلام وبغضها له ، فاحتجّت عليه بأشياء منها : أنَّ رسول الله عقد له الولاية بمشهد منه يوم غدير خمّ ، وأسندت بغضها له إلىٰ أنَّه قاتَل من هو أولىٰ بالأمر منه وطلب ما ليس له ، ولم يُنكره عليها معاوية.
وقبل هذه كلّها مناشدة أمير المؤمنين عليهالسلام واحتجاجه به يوم الرحبة ، وقد أوقفناك علىٰ تفصيل أسانيده وطرقه الصحيحة المتواترة ( ص ١٦٦ ـ ١٨٥ ) ، وكان ذلك لمّا نوزع في خلافته ، وبلغه اتّهام الناس له فيما كان يرويه من تفضيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم له وتقديمه إيّاه علىٰ غيره ، كما مرّ ( ص ١٨٣ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٤ ، ٣٠٩ ) ، وقال برهان الدين الحلبي في سيرته (١) ( ٣ / ٣٠٣ ) : احتجَّ به بعد أن آلت إليه الخلافة ردّاً علىٰ من نازعه فيها.
أفترىٰ ـ والحالة هذه ـ معنىً معقولاً للمولىٰ غير ما نرتئيه ، وفهمه هو عليهالسلام ومن شهد له من الصحابة ومن كتم الشهادة إخفاءً لفضله حتى رُمي بفاضح من البلاء ، ومن نازعه حتىٰ أُفحم بتلك الشهادة ؟ وإلّا فأيّ شاهد له في المنازعة بالخلافة في معنى الحبِّ والنصرة ، وهما يعمّان سائر المسلمين ؟ إلّا أن يكونا على الحدّ الذي سنصفه إن شاء الله ، وهو معنى الأولويّة المطلوبة.
والواقف علىٰ موارد الحِجاج بين أفراد الأمّة وفي مجتمعاتها ، وفي تضاعيف الكتب منذ ذلك العهد المتقادم إلىٰ عصورنا هذه جِدُّ عليم بأنّ القوم لم يفهموا من الحديث إلّا المعنى الذي يُحتجُّ به للإمامة المطلقة ، وهو الأولويّة من كلِّ أحد بنفسه وماله في دينه ودنياه ، الثابت ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وللخلفاء المنصوص عليهم من بعده ، نحيل الوقوف علىٰ ذلك علىٰ إحاطة الباحث وطول باع المتتبِّع فلا نطيل بإحصائها المقام.
___________________________________
(١) السيرة الحلبية : ٣ / ٢٧٥.