وأمّا الذي نقلوا عن أئمّة اللغة : من أنَّ ( المولىٰ ) بمعنى الأَولىٰ ، فلا حجّة لهم ؛ إذ أمثال هذا النقل لا يصلح أن يحتجَّ به في إثبات اللغة ، فنقول : إنَّ أبا عبيدة وإن قال في قوله تعالىٰ : ( مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ ) ؛ معناه هي أولىٰ بكم ، وذكر هذا ـ أيضاً ـ الأخفش ، والزجّاج ، وعليّ بن عيسىٰ ، واستشهدوا ببيت لبيد ، ولكن ذلك تساهل من هؤلاء الأئمّة ، لا تحقيق ؛ لأنّ الأكابر من النقلة مثل الخليل وأضرابه لم يذكروه إلّا في تفسير هذه الآية أو آية أخرىٰ مرسلاً غير مسند ، ولم يذكروه في الكتب الأصليّة من اللغة. انتهىٰ.
ليت شعري من ذا الذي أخبر الرازي أنَّ ذلك تساهل من هؤلاء الأئمّة لا تحقيق ؟ وهل يطّرد عنده قوله في كلِّ ما نقل عنهم من المعاني اللغويّة ، أو أنَّ له مع لفظ ( المولىٰ ) حساباً آخر ؟ وهل على اللغويِّ إذا أثبت معنىً إلّا الاستشهاد ببيت للعرب ، أو آية من القرآن الكريم ؟ وقد فعلوه.
وكيف اتخذ عدم ذكر الخليل وأضرابه حجّةً على التسامح ، بعد بيان نقله عن أئمّة اللغة ؟ وليس من شرط اللغة أن يكون المعنىٰ مذكوراً في جميع الكتب ، وهل الرازي يقتصر فيها علىٰ كتاب العين وأضرابه ؟
ومن ذا الذي شرط في نقل اللغة عنعنة الإسناد ؟ وهل هو إلّا ركونٌ إلىٰ بيت شعر ، أو آية كريمة ، أو سنّة ثابتة ، أو استعمال مسموع ؟ وهل يجد الرازي خيراً من هؤلاء لتلقّي هاتيك كلِّها ؟ وما باله لا يقول مثل قوله هنا إذا جاءه أحد من القوم بمعنىً من المعاني العربيّة ؟ أقول : لأنّ له في المقام مرمىً لا يعدوه.
وهل يشترط الرجل في
ثبوت المعنى اللغويِّ وجوده في المعاجم اللغويّة فحسب ؟ بحيث لا يقيم له وزناً إذا ذُكر في تفسير آية ، أو معنىٰ حديث ، أو
حلّ بيت من الشعر ، ونحن نرى العلماء يعتمدون في اللغة علىٰ قول أيِّ ضليع في
العربيّة حتىٰ