آخرون من رواتها لا يُستهان بعدّتهم لا نطيل بذكرهم المقال ، أضف إلىٰ ذلك من رواها من علماء الشيعة الذين لا يُحصىٰ عددهم.
فهذه المقدّمة من الصحيح الثابت الذي لا محيد عن الاعتراف به ، كما صرّح بذلك غير واحد من الأعلام المذكورين (١) فلو كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد في كلامه غير المعنى الذي صرّح به في المقدّمة لعاد لفظه ـ ونُجلّه عن كلِّ سقطة ـ محلول العُرىٰ ، مختزلاً بعضه عن بعض ، وكان في معزل عن البلاغة وهو أفصح البلغاء ، وأبلغ من نطق بالضاد ، فلا مساغ في الإذعان بارتباط أجزاء كلامه ، وهو الحقّ في كلِّ قول يلفظه عن وحي يوحىٰ ، إلّا أن نقول باتّحاد المعنىٰ في المقدّمة وذيها.
ويزيدك وضوحاً وبياناً ما في التذكرة لسبط ابن الجوزي الحنفي (٢) ( ص ٢٠ ) ، فإنّه بعد عدِّ معانٍ عشرة للمولىٰ وجعل عاشرها الأولىٰ ، قال :
والمراد من الحديث : الطاعة المخصوصة ، فتعيّن الوجه العاشر وهو الأَولى ، ومعناه : من كنت أَولىٰ به من نفسه فعليٌ أولىٰ به ، وقد صرّح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الأصبهاني في كتابه المسمّىٰ بمرج البحرين ، فإنّه روىٰ هذا الحديث بإسناده إلىٰ مشايخه ، وقال فيه : فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيد عليّ فقال : « من كنتُ وليّه وأَولىٰ به من نفسه فعليٌّ وليّه » ، فعُلِم أنَّ جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر ، ودلّ عليه أيضاً قوله عليهالسلام : « ألست أَولىٰ بالمؤمنين من أنفسهم » وهذا نصٌّ صريحٌ في إثبات إمامته وقبول طاعته.
ونصّ ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول ( ص ١٦ ) علىٰ ذهاب طائفة إلىٰ حمل اللفظ في الحديث على الأَولىٰ ، وسيوافيك نظير هذه الجمل في محلّه إن شاء الله تعالىٰ.
___________________________________
(١) راجع رواة الحديث من الصحابة والكلمات حول سند الحديث. ( المؤلف )
(٢) تذكرة الخواص : ص ٣٢.