لبعض لم يؤثّر فيهم هذا القول ، فإنّ منافرة بعضهم لبعض جزئيات لا تبلغ هذا المبلغ ، وإنَّما يحصل مثله فيما إذا كان المدعوّ له دعامة الدين ، وعلم الإسلام ، وإمام الأمّة ، وبالتثبيط عنه يكون فتٌّ في عضد الحقِّ وانحلالٌ لِعُرى الإسلام.
ثانيها : أنَّ هذا الدعاء ـ بعمومه الأفراديِّ بالموصول ، والأزمانيّ والأحواليّ بحذف المتعلّق ـ يدلُّ علىٰ عصمة الإمام عليهالسلام لإفادته وجوب موالاته ونصرته والانحياز عن العداء له وخذلانه علىٰ كلّ أحد في كلِّ حين وعلىٰ كلّ حال ، وذلك يوجب أن يكون عليهالسلام في كلّ تلك الأحوال علىٰ صفة لا تصدر منه معصية ، ولا يقول إلّا الحقّ ، ولا يعمل إلّا به ، ولا يكون إلّا معه ؛ لأنّه لو صدر منه شيء من المعصية لوجب الإنكار عليه ونصب العداء له ؛ لعمله المنكر والتخذيل عنه ، فحيث لم يستثنِ صلىاللهعليهوآلهوسلم من لفظه العام شيئاً من أطواره وأزمانه علمنا أنَّه لم يكن عليهالسلام في كلِّ تلك المدد والأطوار إلّا على الصفة التي ذكرناها ، وصاحب هذه الصفة يجب أن يكون إماماً لقبح أن يؤمّه من هو دونه علىٰ ما هو المقرّر في محلّه ، وإذا كان إماماً فهو أولىٰ بالناس منهم بأنفسهم.
ثالثها : أنَّ الأنسب
بهذا الدعاء الذي ذيّل صلىاللهعليهوآلهوسلم به كلامه ، ولا بدّ أنَّه مرتبط بما قبله أن يكون غرضه صلىاللهعليهوآلهوسلم بيان تكليف على الحاضرين من فرض الطاعة
ووجوب الموالاة ، فيكون في الدعاء ترغيب لهم على الطاعة والخضوع له ، وتحذير عن التمرّد والجموح تجاه أمره ، وذلك لا يكون إلّا إذا نزّلنا المولىٰ بمعنى الأولىٰ
، بخلاف ما إذا كان المراد به المحبّ أو الناصر ؛ فإنّه ـ حينئذٍ ـ لم يُعلم إلّا أنَّ عليّاً عليهالسلام محبّ من يحبّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو ينصر من ينصره ، فيناسب إذن أن يكون
الدعاء له إن قام بالمحبّة أو النصرة ، لا للناس عامّة إن نهضوا بموالاته ، وعليهم إن تظاهروا بنصب العداء له ، إلّا
أن يكون الغرض بذلك توكيد الصلات الودِّية بينه وبين الأمّة إذا علموا أنَّه يحبّ وينصر كلّ فرد منهم في كلِّ حال وفي كلِّ زمان ، كما أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كذلك ، فهو يخلفه عليهم ، وبذلك يكون لهم منجاة من كلّ هَلَكَة ، ومأوىً من كلِّ خوف ، وملجأ من كلِّ