ثمّ ذكر من معاني المولىٰ تسعة (١) ، فقال :
والعاشر بمعنى الأَولىٰ ، قال الله تعالىٰ : ( فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ ) (٢). ثمّ طفق يبطل إرادة كلٍّ من المعاني المذكورة واحداً واحداً فقال :
والمراد من الحديث الطاعة المحضة المخصوصة ، فتعيّن الوجه العاشر ، وهو : الأَولىٰ ومعناه : من كنت أولىٰ به من نفسه فعليٌّ أَولىٰ به ، وقد صرّح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الأصبهاني في كتابه المسمّىٰ بـ ( مرج البحرين ) فإنّه روىٰ هذا الحديث بإسناده إلىٰ مشايخه وقال فيه : فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيد عليٍّ عليهالسلام فقال : « من كنتُ وليّه وأَولىٰ به من نفسه فعليٌّ وليّه » ، فعلم أنَّ جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر ، ودلّ عليه أيضاً قوله عليهالسلام : « ألست أَولىٰ بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » ، وهذا نصّ صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته ، وكذا قوله صلىاللهعليهوسلم : « وأَدِرِ الحقّ معه حيثما دار وكيفما دار ».
٥ ـ قال كمال الدين بن طلحة الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٦٥٢ ) في مطالب السؤول ( ص ١٦ ) بعد ذكر حديث الغدير ونزول آية التبليغ فيه :
فقوله صلىاللهعليهوسلم : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » قد اشتمل علىٰ لفظة ( من ) وهي موضوعة للعموم ، فاقتضىٰ أنَّ كلّ إنسان كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مولاه كان عليٌّ مولاه ، واشتمل علىٰ لفظه ( المولىٰ ) وهي لفظةٌ مستعملةٌ بإزاء معانٍ متعدِّدة قد ورد القرآن الكريم بها ، فتارةً تكون بمعنىٰ ( اولىٰ ) ، قال الله تعالىٰ في حقّ المنافقين : ( مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ ) معناه : أَولىٰ بكم.
___________________________________
(١) وهي المالك ، المعتِق ـ بالكسر ـ ، المعتَق ـ بالفتح ـ ، الناصر ، ابن العمّ ، الحليف ، المتولّي لضمان الجريرة ، الجار ، السيّد المطاع. ( المؤلف )
(٢) الحديد : ١٥.