إسحاق الثعلبي يرفعه بسنده في تفسيره (١) إلىٰ أسماء بنت عميس قالت : لمّا نزل قوله تعالىٰ : ( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : « صالح المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام » ، فلمّا أخبر الله فيما أنزله علىٰ رسوله ، وأنَّ ناصره هو الله وجبريل وعليٌّ ، يثبت الناصريّة لعليّ ، فأثبتها النبيُّ صلىاللهعليهوسلم اقتداءً بالقرآن الكريم في إثبات هذه الصفة له.
ثمّ وصفه صلىاللهعليهوسلم بما هو من لوازم ذلك بصريح قوله ، رواه الحافظ أبو نعيم في حليته ( ١ / ٦٦ ) بسنده : إنَّ عليّاً دخل عليه ، فقال : « مرحباً بسيِّد المسلمين ، وإمام المتّقين » فسيادة المسلمين وإمامة المتّقين لمّا كانت من صفات نفسه صلىاللهعليهوسلم وقد عبّر الله تعالىٰ عن نفس عليّ بنفسه ووصفه بما هو من صفاته ، فافهم ذلك.
ثمّ لم يزل صلىاللهعليهوسلم يخصِّصه بعد ذلك بخصائص من صفاته نظراً إلىٰ ما ذكرناه ، حتىٰ روى الحافظ أيضاً في حليته ( ١ / ٦٧ ) بسنده عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله لأبي برزة وأنا أسمع : « يا أبا برزة إنَّ الله عهد إليَّ في عليّ بن أبي طالب أنَّه راية الهدىٰ ، ومنار الإيمان ، وإمام أوليائي ، ونور جميع من أطاعني ، يا أبا برزة عليٌّ إمام المتّقين ، من أحبّه أحبّني ، ومن أبغضه أبغضني ، فبشِّره بذلك » ، فإذا وضح لك هذا المستند ظهرت حكمة تخصيصه صلىاللهعليهوسلم عليّاً بكثير من الصفات دون غيره ، ( وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) (٣).
٦ ـ قال صدر الحفّاظ فقيه الحرمين أبو عبد الله الكنجيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٦٥٨ ) في كفاية الطالب (٤) ( ص ٦٩ ) بعد ذكر قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعليّ : « لو كنت
___________________________________
(١) الكشف والبيان : الورقة ٢١٦ سورة التحريم : آية ٤.
(٢) التحريم : ٤.
(٣) نقلنا هذا الكلام علىٰ علّاته وإن كان لنا نظر في بعض أجزائه. ( المؤلف )
(٤) كفاية الطالب : ص ١٦٦ باب ٣٦.