سیاسیّان : خطّ أهل البیت عليهمالسلام والمشایعین لهم ، وخطّ آخر التزمه فریق ثانٍ من المسلمین ، فانطلق الخطّ الأوّل من الغدیر ( غدیر خم ) لیجري في عمق الحیاة الإسلامیة ، واندفع الثاني من السقیفة لیسیر إلی جنبه یهادنه تارة ویتقاطع معه تارة أخریٰ ، فتشهد الأُمّة حالات الصراع الفکري والسیاسي حیناً والدموي المؤسف حیناً آخر ، بل لم یشهد المسلمون مسألة أفرزت من الصراعات الفکریة والسیاسیة والعسکریة الداخلیة أکثر من مسألة الصراع بین نظریّتي السقیفة والغدیر .
السقیفة اصطلح علیها المنظّرون والباحثون فیما بعد بنظریة ( الشوریٰ ) ، وهي التي ولدت في السقیفة ، وانتهت إلی الرضا بالملك الوراثي وانتزاع السلطة بالقهر والغلبة ، ونظریّة ( النصّ ) التي صاغها البیان النبوي یوم الغدیر لتکون التفسیر الشرعي لاستحقاق الإمامة والولایة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وحوادث السقیفة ووقائعها لم تنلها محاولات التحریف والإخفاء من حیث وقوعها والنتائج التي خرج بها المجتمعون تحت ذلك السقف ، فقد دعمتها السلطة علیٰ تعاقب أجیالها ، وحتیٰ حین تحوّلت من الشوریٰ إلی الوراثة في عهد معاویة استفادت منها کأساس لمواجهة تیّار الغدیر الذي تحوّل إلیٰ معارض فکري وسیاسي لحالات الانحراف والتسلّط التي حلّت بالمسیرة الإسلامية .
أما ( بیعة الغدیر ) فقد واجهت مشکلتین أساسیتین هما :
مشکلة الإخفاء والتعتیم علیها من قبل البعض ، ومشکلة تفسیرها تفسیراً لا یتطابق وما حوته هذه الحادثة التاریخیة الخالدة من دلالة النصّ والقرینة . وفي ما ورد من أحادیث ومواقف نبویة في مناسبات متعددة نجد بیاناً وافیاً لإیضاح معنی الولایة الواردة في هذا الحدیث ، أنّها ولایة أمر الأمة ولیس النصرة والمحبة ، کحدیث الدار ، وحدیث المنزلة ، وحدیث : « لا یؤدّي عنّي إلّا عليّ » .
لذا فإنّ الباحث في
بیعة الغدیر علیه أن ینهض بمهمّتین
أساسیتین نهوضاً علمیاً