بتلك الموالاة مخالف (١) ومعاشرة ظاهرة ، والقلب بالعداوة والبغضاء ، وانتظار زوال المانع» (٢).
وقال الإمام الرازي الشافعي (ت / ٦٠٦ ه) في تفسيره هذه الآية : «اعلم إنّ للتقية أحكاماً كثيرة ، ونحن نذكر بعضها إلى أن قال :
الحكم الرابع : ظاهر الآية يدلّ على أنّ التقيّة إنّما تحلّ مع الكفار الغالبين ، إلا أنّ مذهب الشافعي رضي الله عنه : أنّ الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلّت التقيّة محاماة على النفس.
الحكم الخامس : التقية جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله صلىاللهعليهوسلم : (حرمة مال المسلم كحرمة دمه) ، ولقوله (ص) : (من قُتِل دون ماله فهو شهيد) ، ولأنّ الحاجة إلى المال شديدة ، والماء إذا بيع بالغبن سقط فرض الوضوء ، وجاز الاقتصار على التيمّم رفعاً لذلك القدر من نقصان المال. فكيف لا يجوز هاهنا؟». ثمّ رجّح قول الحسن البصري المتقدّم : (التقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة) على قول مجاهد الذي حصر التقية بما كان في أوّل الإسلام ، وقال : «وهذا القول أولى ، لأنّ دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الإمكان» (٣).
وقال القرطبي المالكي (ت / ٦٧١ ه) : «قال ابن عباس : هو أن يتكلّم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ، ولا يقتل ولا يأتي مأثماً .. وقال الحسن البصري :
__________________
(١) كذا : بالفاء ، والصحيح : مخالقة بالقاف ، بقرينة قوله : والقلب .. إلخ ، وإلا لقال : مخالفة باطنة ، ومعاشرة ظاهرة ، والظاهر أنها مصحفة سهواً.
(٢) الكشاف / الزمخشري ٤٢٢ : ١.
(٣) التفسير الكبير / الفخر الرازي ١٣ : ٨.