[للإبل](١) فجرى مجرى قولهم : إلا من أعطى فى سمنها وحسنها ووفور لبنها ، وهذا كله يرجع إلى معنى واحد ، فلا معنى للهزال ؛ لأن من بذل حقّ الله من المضنون به كان إلى إخراجه مما يهون عليه أسهل ، فليس لذكر الهزال بعد السمن معنى.
قلت : والأحسن ـ والله أعلم ـ أن يكون المراد بالنّجدة : الشدّة والجدب ، وبِالرِّسْلِ : الرّخاء والخصب ؛ لأن الرِّسْلَ اللّبن ، وإنما يكثر فى حال الرّخاء والخصب ، فيكون المعنى أنه يخرج حقّ الله فى حال الضّيق والسّعة ، والجدب والخصب ؛ لأنه إذا أخرج حقّها فى سنة الضّيق والجدب كان ذلك شاقّا عليه ، فإنه إجحاف به ، وإذا أخرجها فى حال الرّخاء كان ذلك سهلا عليه ؛ ولذلك قيل فى الحديث : يا رسول الله وما نجدتها ورِسْلُهَا؟ قال : عسرها ويسرها ، فسمّى النّجدة عسرا والرِّسْلَ يسرا ؛ لأن الجدب عسر والخصب يسر ، فهذا الرّجل يعطى حقّها فى حال الجدب والضّيق وهو المراد بالنّجدة ، وفى حال الخصب والسّعة ، وهو المراد بِالرِّسْلِ. والله أعلم.
(ه) وفى حديث الخدرى «رأيت فى عام كثر فيه الرِّسْلُ البياض أكثر من السّواد ، ثم رأيت بعد ذلك فى عام كثر فيه التّمر ؛ السّواد أكثر من البياض» أراد بِالرِّسْلِ اللّبن ، وهو البياض إذا كثر قلّ التّمر ، وهو السّواد.
وفى حديث صفية «فقال النبى صلىاللهعليهوسلم : «على رِسْلِكُمَا» أى اثبتا ولا تعجلا. يقال لمن يتأنّى ويعمل الشىء على هينته. وقد تكررت فى الحديث.
(ه س) وفيه «كان فى كلامه تَرْسِيلٌ» أى ترتيل. يقال تَرَسَّلَ الرجل فى كلامه ومشيه إذا لم يعجل ، وهو والتّرتيل سواء.
(س) ومنه حديث عمر «إذا أذّنت فَتَرَسَّلْ» أى تأنّ ولا تعجل.
(س) وفيه «أيّما مسلم اسْتَرْسَلَ إلى مسلم فغبنه فهو كذا» الِاسْتِرْسَالُ : الاستئناس والطّمأنينة إلى الإنسان والثّقة به فيما يحدّثه به ، وأصله السكون والثّبات.
ومنه الحديث «غبن الْمُسْتَرْسِل ربا».
__________________
(١) الزيادة من ا واللسان والهروى.