(شهد) فى أسماء الله تعالى «الشَّهِيدُ» هو الذى لا يغيب عنه شىء. والشَّاهِدُ : الحاضر وفعيل من أبنية المبالغة فى فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشَّهِيدُ. وقد يعتبر مع هذا أن يَشْهَدَ على الخلق يوم القيامة بما علم.
ومنه حديث عليّ «وشَهِيدُك يوم الدين» أى شَاهِدُكَ على أمّته يوم القيامة.
(ه) ومنه الحديث «سيد الأيام يوم الجمعة ، هو شَاهِدٌ» أى هو يَشْهَدُ لمن حضر صلاته. وقيل فى قوله تعالى «وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» إنّ شَاهِداً يوم الجمعة ، ومَشْهُوداً يوم عرفة ، لأنّ الناس يَشْهَدُونَهُ : أى يحضرونه ويجتمعون فيه.
ومنه حديث الصلاة «فإنها مَشْهُودَةٌ مكتوبة» أى تَشْهَدُهَا الملائكة وتكتب أجرها للمصلّى.
ومنه حديث صلاة الفجر «فإنها مَشْهُودَةٌ محضورة» أى يحضرها ملائكة الليل والنهار ، هذه صاعدة وهذه نازلة.
(ه س) وفيه «المبطون شَهِيدٌ والغرق (١) شَهِيدٌ» قد تكرر ذكر الشَّهِيدِ والشَّهَادَةِ فى الحديث. والشَّهِيدُ فى الأصل من قتل مجاهدا فى سبيل الله ، ويجمع على شُهَدَاءَ ، ثم اتّسع فيه فأطلق على من سمّاه النبى صلىاللهعليهوسلم من المبطون ، والغرق ، والحرق ، وصاحب الهدم ، وذات الجنب وغيرهم. وسمّى شَهِيداً لأنّ الله وملائكته شُهُودٌ له بالجنّة. وقيل لأنه حىّ لم يمت ، كأنه شَاهِدٌ : أى حاضر. وقيل لأنّ ملائكة الرّحمة تَشْهَدُهُ. وقيل لقيامه بشهادة الحقّ فى أمر الله حتى قتل. وقيل لأنّه يشهد ما أعدّ الله له من الكرامة بالقتل. وقيل غير ذلك. فهو فعيل بمعنى فاعل ، وبمعنى مفعول على اختلاف التّأويل.
(س) وفيه «خير الشُّهَدَاءِ الذى يأتى بشهادته قبل أن يسألها» هو الذى لا يعلم (٢) صاحب
__________________
(١) فى الأصل واللسان : الغريق. والمثبت من ا وهو رواية المصنف فى «غرق» وسيجىء.
(٢) فى الأصل وا : «لا يعلم بها صاحب الحق ...» وقد أسقطنا «بها» حيث أسقطها اللسان.