كالقصص بأخبار رستم واسفنديار.
والصّارف عن المعارضة صارف عن هذا ؛ لأنّ ما يصرف عن المعارضة (١) إنّما يرى أنّه لا غناء في فعلها ، ولا طائل في تكلّفها. وأنّ الحظّ في الإضراب عنها والعدول إلى المناجزة بالحرب. وهذا لا محالة يصرف عن جميع ما عددناه.
ومتى لم تعنوا بالصّرفة أحد هذه الأقسام الّتي فصّلناها ، فمذهبكم غير مفهوم ، وأنتم إلى أن تفهمونا غرضكم فيه أحوج منكم إلى أن تدلّونا على صحّته.
قيل له : أوّل ما نحتاج إليه في جوابك أن نعلمك كنه مذهبنا في التّحدّي بالقرآن. وعندنا (٢) أنّ التّحدّي وقع بالإتيان بمثله في فصاحته وطريقته في النّظم ، ولم يكن بأحد الأمرين على ما تذهب ـ أنت وأصحابك ـ إليه ، فلو وقعت المعارضة بشعر أو برجز موزون أو بمنثور من الكلام ليس له طريقة القرآن في النّظم ، لم تكن واقعة موقعها.
والصّرفة على هذا إنّما كانت بأن يسلب الله تعالى كلّ من رام المعارضة وفكّر
__________________
(١) بعدها في الأصل : صارف عن هذا لأنّ ما يصرف عن المعارضة ، ولعلّه تكرار من الناسخ.
(٢) قال الشريف المرتضى في كتابه الذخيرة في علم الكلام / ٣٨٠ : «فإن قيل : بيّنوا كيفيّة مذهبكم في الصّرفة ، قلنا : الذي نذهب إليه أنّ الله تعالى صرف العرب عن أن يأتوا من الكلام بما يساوي أو يضاهي القرآن في فصاحته وطريقته ونظمه ، بأن سلب كلّ من رام المعارضة العلوم التي يتأتّى ذلك بها ، فإنّ العلوم التي بها يمكن ذلك ضروريّة من فعله تعالى فينا بمجرى العادة.
وهذه الجملة إنّما ينكشف بأن يدلّ على أنّ التحدّي وقع بالفصاحة والطريقة في النظم ، وأنّهم لو عارضوه بشعر منظوم لم يكونوا فاعلين ما دعوا إليه ، وأن يدلّ على اختصاص القرآن بطريقة في النظم مخالفة لنظوم كلّ كلامهم ، وعلى أن القوم لو لم يصرفوا لعارضوا».