اذا عرفت ذلك فالحق أن تقديم الدليل الظني المعتبر على الاستصحاب وعلى باقي الاصول العملية من باب التخصص والتقيد لارتفاع موضوع الاصول به تكوينا وواقعا لا تنزيلا حيث أخذ في موضوع الاصول الشك بمعنى عدم الحجة على الواقع وعدم البيان من الشارع الموجب للتحير والتردد من استعمال المسبب في السبب فانه اكثر من ان يحصى باعتبار أن المسببات غير مقدورة الا بواسطة اسبابها ولعله هو المتبادر من الشك فان العقلاء والعلماء وأرباب الفنون لا يستعملون لفظ الشك إلا ويريدون به هذا المعنى. سلمنا لكن مناسبة الحكم للموضوع تقتضي ذلك لأن المناسب لجعل الحكم للشك في صورة عدم قيام الحجة على الواقع أما مع قيامها فهو غير مناسب لمعرفة الواقع بالحجة لأن الحجة انما جعلت حجة وطريقا لمعرفة الواقع عند الشك فيه والتردد والتحير فيه لا عند اليقين به ولأن الشك بمعناه الحقيقي هو تساوي الطرفين هو نادر الوجود في مقام ضرب القاعدة في اخبار الاستصحاب وباقي الاصول فلا بد أن يكون قد استعمل في المعنى المتعارف وهو عدم الحجة فانه أقرب المجازات ولأن مقابلته باليقين والتعبير عنه بعدم العلم تقتضي ذلك لأن أغلب موارد الاستصحاب إلا ما شذ (لا علم) بمعنى اليقين بالحكم وانما يقوم الدليل كالخبر أو الامارة كالبينة واليد على الحالة السابقة وهكذا في باقي الاصول فانه مع قيام الحجة لا يقال انه لا يعلم هذا مضافا الى ان المعرفة تستعمل في ألسنة الائمة عليهمالسلام بالاطلاع على الدليل ومعرفة الحجة عليه كما في المقبولة «وعرف أحكامنا» فان معرفة أحكامهم عليهمالسلام من احاديثهم مع ان غالبها ظنيّة دلالة أو سندا وكذا قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فان المراد بعدم العلم هو عدم قيام الدليل على