قال أبو محمد : وهذه مجاهرة هو يدري أنها فيها كاذب ، وكل من سمعه يدري أنه فيها كاذب لأن أكثر العامة من حاضرة وبادية لا يدري معنى الاستدلال فكيف أن يستعمله ...؟
قال أبو محمد : ويلزم من قال بهذه المقالة أن لا يأكل من اللحم إلا ما ذبحه هو أو من يدري أنه مستدل ، وأن لا يطأ إلا زوجة يدري أنها مستدلة. ويلزمه أن يشهد على نفسه بالكفر ضرورة قبل استدلاله ومدة استدلاله ، وأن يفارق امرأته التي تزوج في تلك المدة ، وأن لا يرث أخاه ولا أباه ولا أمه ، إلا أن يكونوا مستدلين ، وأن يعمل عمل الخوارج الذين يقتلون غيلة ، وعمل المغيرية والمنصورية في خنق كل من أمكنهم وقتله ، وأن يستحلوا أموال أهل الأرض ، بل لا يحل لهم الكف عن شيء من هذا كله لأن جهاد الكفار فرض وهذا كله إن التزموه طردوا أصولهم ، وكفونا أنفسهم ، وإن لم يقولوا بذلك تناقضوا.
فصح أن كل من اعتقد الإسلام بقلبه ، ونطق به بلسانه ، فهو مؤمن عند الله عزوجل ، ومن أهل الجنة ، سواء كان ذلك عن قبول ، أو نشأة ، أو عن استدلال ، وبالله تعالى التوفيق.
وأيضا فنقول لهم : هل استدل من مخالفيكم في أقوالكم التي تدينون بها أحد أم لم يستدل قط أحد غيركم؟ فلا بد من إقرارهم بأن مخالفيهم أيضا قد استدلوا وهم عندكم مخطئون كمن لم يستدل ولا فرق وأنتم عندهم أيضا مخطئون.
فإن قالوا : إن الأدلة أمنتنا من أن نكون مخطئين.
قلنا لهم : وهذا نفسه هو قول خصومكم فإنهم يدعون أن أدلتهم دلتهم على صواب قولهم ، وخطأ قولكم ، ولا فرق. ما زالوا على هذه الدعوى مذ كانوا إلى يومنا هذا ، فما نراكم حصلتم من استدلالكم إلا على ما حصل عليه من لم يستدل سواء بسواء ولا فرق.
فإن قالوا لنا : فعلى قولكم هذا يبطل الاستدلال جملة وتبطل الدلائل كافة.
قلنا : معاذ الله من هذا.
لكن أريناك أنه قد يستدل من يخطئ ، وقد يستدل من يصيب ، بتوفيق الله تعالى فقط.
وقد لا يستدل من يخطئ ، وقد لا يستدل من يصيب ، بتوفيق الله تعالى ، وكل ميسر لما خلق له.