أن تلك الامثلة المذكورة ان ترتيب الاسباب والمسببات شرعية فاستصحاب المسببات فيها تكون محكومة باستصحاب الأسباب بخلاف المقام فان الترتيب بين الأسباب والمسببات ترتب عقلي محض فيجري استصحاب المسببات من دون معارض باستصحاب الأسباب لعدم جريان الاصل في السبب لعدم ترتب أثر شرعي عليه لكي يقدم على المسبب.
بقي شيء وهو أن المتسالم عليه عند القوم جريان أصالة عدم التذكية عند الشك في تذكية الحيوان وبجريانه يثبت حرمة اكل لحمه ونجاسته وقد خالف في ذلك الفاضل التونى (قده) فقال بعدم اثبات استصحاب عدم التذكية للحرمة والنجاسة حيث أن عدم المذبوحية لازم لأمرين الحياة والموت حتف الانف والموجب للنجاسة ليس هذا اللازم من حيث هو بل ملزومه الثاني وهو الموت حتف الانف وعدم المذبوحية لازم أعم لموجب النجاسة تمسكا بأن الموضوع لكل من حرمة لحم الحيوان ونجاسته وحليته وطهارته أمر وجودي فموضوع الحرمة والنجاسة هي الميتة التي هي عبارة عن الحيوان الذي مات حتف انفه.
كما ان موضوع الحلية والطهارة عبارة عن المذكى وهما أمران وجوديان ولا بد من احرازهما واصالة عدم التذكية لم يثبت احراز الميتة حيث أن نفي أحد الضدين بالاصل لاثبات الضد الآخر من الاصول المثبتة التي لا نقول بحجيتها وعليه يجري استصحاب العدم من الطرفين وحيث تقع المعارضة بينهما تتساقط الاصلان وبعد التساقط يرجع إلى اصالة الحل والطهارة في اللحم المشكوك (١) وعلى تقدير التسليم ان
__________________
(١) لا يخفى ان المقام من الموضوع المركب فتارة يكون من قبيل العرض ومحله كما عليه الاستاذ المحقق النائيني (قده) فيكون العرض بما هو نعت لمحله وهو بمفاد كان الناقصة له الدخل في الموضوع فاستصحاب