من تحقق احتمالين أحدهما بقاء العدم على حاله وثانيهما انتقاضة بالوجود كما هو واضح.
ومن البديهي أن ما لا ينافي اليقين بالبقاء ليس إلّا الاحتمال الأول لأن احتمال البقاء لا يناقض اليقين به وانما يناقض اليقين به خصوص الاحتمال الثاني وهو احتمال الانتقاض بالوجود فمعنى جعل اليقين تعبدا في ظرف الشك ليس إلا القاء هذا الاحتمال ونفيه فاذا كان الأمر كذلك فاحتمال انتقاض العدم الأزلي بالوجود لا يتصور إلا في المرتبة المتأخرة عن كون محتملة مما تحقق فيه ملاك الحكم وصار مقتضيه تاما في الاقتضاء على فرض ثبوته واقعا وإلّا فمع عدم كون محتمله مما لا يتحقق فيه الملاك فلا يعقل انتقاضه بالوجود بحسب الواقع وحينئذ كان وضعه ورفعه بابقاء العدم على حاله بيد الشارع لأنه كما أن وجوده الواقعي المحتمل لو كان واقعا كان عن مقتض فمن هذه الجهة كان وضعه بيد الشارع فكذلك رفع هذا الوجود وابقاء العدم الأزلي في هذه المرتبة كان بيد الشارع ، إذ كل ما يكون وضعه بيد الشارع يكون رفعه بيده.
وأما تفصيل الشيخ (قده) بين استصحاب حال العقل فقال بعدم حجيته وبين استصحاب حال الشرع فقال بحجيته فمنشؤه هو اعتبار وحدة الموضوع في الاستصحاب لكي تكون القضية المتيقنة عين القضية المشكوكة وإلا مع عدم اتحاد القضيتين لا يجري الاستصحاب مطلقا لانه يكون من قبيل اسراء حكم من موضوع الى آخر.
بيان ذلك ان المأخوذ في لسان الدليل تارة يكون مناط اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة هو الموضوع الواقعي وأخرى يكون مناط الاتحاد هو الموضوع العرفي فعلى الأول يكون عندنا مجال للتفصيل المذكور دون الثاني حيث