الأمر الثالث
في بيان الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين
يمتاز الاستصحاب عن قاعدة اليقين بأن ملاك القاعدة هو أنه يرد الشك على مورد اليقين فمتعلق الشك هو متعلق اليقين وانما يختلف زمان عروض الوصفين لاستحالة عروضهما على محل واحد في زمان واحد بخلاف الاستصحاب فان معروض اليقين غير معروض الشك (١).
__________________
(١) لا يخفى ان الاستصحاب عبارة عن اجتماع اليقين والشك في مورد واحد حتى يحكم بالبقاء من غير فرق بين أن يكون مبدأ حدوث اليقين قبل حدوث الشك كما لو علم بعدالة زيد يوم الخميس وشك في يوم الجمعة بعدالته ، وبين ما كان مبدأ حدوث اليقين بعد حدوث الشك كما لو حدث الشك يوم الجمعة بطهارة ثوبه واستمر الشك إلى يوم السبت ثم حدث له يقين يوم السبت بطهارة ثوبه يوم الخميس ، وبين ما كان مبدؤهما متقارنين زمانا كما لو علم يوم الجمعة بطهارة ثوبه يوم الخميس وفي ذلك الآن شك في طهارته السابقة ففي أن يوم الجمعة حصل له يقين بطهارته يوم الخميس وفي ذلك الآن شك في بقائها فاجتمع اليقين والشك زمانا بآن واحد يوجب صدق الشك في البقاء فتتحد القضية المتيقنة مع القضية المشكوكة موضوعا ومحمولا ووجودا خارجيا لكي يصدق تعلق الشك بما تعلق به اليقين السابق فلا يكفي الاتحاد في الموضوع والمحمول ولو مع تعدد في الوجود الخارجي إذ لا يتصور فيه الشك في البقاء لما هو معلوم انه مع تعدد