وأما الصحة والفساد فقد ذكرنا في مبحث الصحيح عبارة عن تمامية الشيء بلحاظ الجهة المرغوبة منه ويقابلها الفساد تقابل العدم والملكة ففساد الشيء عبارة عن عدم تماميته بلحاظ الاثر المرغوب فيه. وحيث أن الجهة المرغوبة من الشيء تختلف باختلاف الاغراض فالشىء الواحد يختلف صحة وفسادا باختلاف الآثار والاغراض فيكون الشيء الواحد صحيحا بلحاظ أثر وفساد بلحاظ أثر آخر.
وعليه تختلف صحة الشيء الواحد وفساده بلحاظ الجهة المرغوبة منه فيكون الحكم بانتزاعية الصحة وواقعيتها من ملاحظة تلك الجهة التي أريد تمامية الشيء بالاضافة اليها فان كانت تلك الجهة من الامور الواقعية كالملاك والمصلحة تكون التمامية والصحة واقعية لأن كون الشيء مما يترتب عليه الملاك والمصلحة أمر واقعي لا مجعول شرعي ولا منتزع من أمر مجعول.
وهكذا لو كانت الصحة بمعنى المسقطية للقضاء والاعادة التي هي تلازم الاجزاء لا عينه لأن تلك الجهة تكون موجبة للوفاء بالغرض تتكون الصحة والتمامية من الامور الواقعية.
وأما الصحة في المعاملات فهي من الامور المجعولة من التكليف أو الوضع لأنها منتزعة من تلك الجهة فانتزاعية الصحة وواقعيتها تابعة لجعلية الجهة التي لوحظ تمامية الشيء بالاضافة إليها وعليه لا مجال لدعوى انتزاعيتها من المجعول الشرعي مطلقا ولا للمنع من انتزاعيتها كذلك.
نعم لا تكون الصحة من الامور المتأصلة بالجعل تأسيسا بل هي أما واقعية محضة كالصحة بلحاظ الوفاء بالغرض أو المسقطية الاعادة والقضاء ، وأما منتزعه من مجعول شرعي كالصحة من أبواب المعاملات