وأما لو احتمل كونه شاكا في ظرف العمل الطاهر عدم جريانها لما قلنا بأن الظاهر هو اختصاص جريانها بما لم يكن شاكا حتى يحتاج ذلك إلى إحراز عدم كونه شاكا ودعوى أنه يمكن التمسك بجريانها بعموم كلما مضى من صلاتك وطهورك والتعليل يكون من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وهو ممنوع عندنا ودعوى جريان أصالة عدم حدوث الشك والالتفات قبل العمل إنما يجدى إذا كان الموضوع مركبا وإلا مع كونه بسيطا ولازما عقليا لعدم الشك والالتفات في ظرف العمل فلا ينفع في جريانه لكونه من الأصل المثبت كما لا يخفى.
الأمر السادس نسبة الاستصحاب إلى أصالة الصحة فنقول لا إشكال في تقديم أصالة الصحة على الاستصحاب مطلقا من غير فرق بين الاستصحاب الحكمي والموضوعي كما أنه لا فرق بين كون الصحة بمعنى التمامية أو ترتب الأثر إلا أنه يختلف وجه التقديم ففي بعضها بنحو الحكومة وفي بعضها بنحو التخصيص للزوم محذور اللغوية بيان ذلك أن هذه القاعدة بناء على كونها من الامارات فلا شبهة في تقديمها على الاستصحاب الموضوعي والحكمي بمناط الحكومة لكون مقتضى دليل كشفها ترفع الشك الموجود في الأصل إلا أن نقول بأن كشفها في خصوص مدلولها المطابقي على المختار أو قلنا بأن مفاد (لا ينقض) ناظر إلى جعل المماثل في استصحاب الأحكام وجعل الأثر ففي استصحاب عدم بلوغ العاقد حين العقد يترتب عليه فساد العقد وعدم ترتب النقل والانتقال ومع هذا التعارض لا مجال لتقديم القاعدة على الاستصحاب إلا بمناط التخصيص للزوم اللغوية إذ ما من مورد يشك في صحة معامله من جميع أقسام المعاملات إلا وهو مجرى الاستصحابات العدمية فلو كانت تلك الاستصحابات مقدمة على هذه القاعدة لا يبقى مورد أصلا أو كان مورده فى غاية القلة بنحو يكون