أما بملاحظة الشك الفعلي الحاصل بعد العمل فلا معنى لجريان الاستصحاب من جهة حكومة قاعدة الفراغ ، وأما بملاحظة الشك التقديري قبل العمل فلا ينفع استصحاب الحدث لبطلان العمل المترتب عليه وجوب الاعادة بالنسبة الى ذلك.
وبتقرير آخر : ان الاستصحاب أما ان يكون حجة عقلية كالقطع أو تعبديا كالامارات ، فالأثر المترتب على كل جهة سواء كان أثرا عقليا أو شرعيا انما يترتب ما دامت الحجة قائمة لا مطلقا حتى بعد انقطاعها وزوالها بانكشاف الخلاف أو بالنسخ ، مثلا الاستصحاب في كل آن انما يثمر ويجب ترتب الأثر عليه في آن جريانه لا مطلقا حتى في الأثر المترتب بعد وجود الشيء في غير هذا الآن ، ومع زوال الاستصحاب في ظرف ترتبه ، كما لو فرضنا انه قد تيقن الحدث في زمان ثم تيقن الطهارة في الزمان المتأخر وصلى في حالة تيقنه بالطهارة فمقتضى حجية اليقين يحكم بصحة عمله وعدم وجوب الاعادة.
ولكنه لو زال بعد ذلك تيقنه بالطهارة وشك بالشك الساري بالطهارة بعد الحدث فلا موقع لان يقال إنه في ذلك الزمان أيضا يحكم
__________________
فلا يحكم بالصحة إذ الحكم بفساد الصلاة ووجوب الاعادة لا يتوقف على جريان الاستصحاب التقديري بل يكفي الاستصحاب الجاري بعد الصلاة عند الالتفات الى حاله ، فان متعلقه هو الحدث السابق على الصلاة وذلك يكفي في الحكم ببطلان الصلاة على تقدير عدم جريان قاعدة الفراغ كما هو المفروض.
وبالجملة ان هذه المسألة من فروع جريان قاعدة الفراغ في موارد الغفلة ، لا من فروع جريان الاستصحاب التقديري وعدم جريانه فلا تغفل.