المسلمات للزنا ، وحمل السيف على كل من وجد من المسلمين ، وملك نساءهم وأطفالهم ، وأعلن العبث بهم ، وهو في كل ذلك مقرّ بالإسلام ، معلن به ، لا يدع الصلاة؟
فإن قالوا : لا يجوز القيام عليه. قيل لهم : إنه لا يدع مسلما إلا قتله جملة وهذا إن ترك أوجب ضرورة ألا يبقى إلّا هو وحده وأهل الكفر معه.
فإن أجازوا الصبر على هذا خالفوا الإسلام جملة ، وانسلخوا منه.
وإن قالوا : بل يقام عليه ويقاتل وهو قولهم. قلنا لهم : فإن قتل تسعة أعشار المسلمين أو جميعهم إلّا واحدا ، وسبى من نسائهم كذلك ، وأخذ من أموالهم كذلك ، فإن منعوا من القيام عليه تناقضوا. وإن أوجبوا سألناهم عن أقل من ذلك ، ولا نزال نحطهم إلى أن نقف بهم على قتل مسلم واحد ، أو على الغلبة على امرأة واحدة ، أو على أخذ مال أو على انتهاك نسوة بظلم ، فإن فرقوا بين شيء من ذلك تناقضوا وتحكّموا بلا دليل ، وهذا ما لا يجوز ، وإن أوجبوا إنكار كل ذلك رجعوا إلى الحق.
ونسألهم عمن قصد سلطانه الجائر الفاجر زوجته ، وابنته ، وابنه ، ليفسق بهم ، أو ليفسق به بنفسه ، أهو في سعة من إسلام نفسه ، وامرأته ، وولده ، وابنته ، للفاحشة ، أم فرض عليه أن يدفع من أراد ذلك منهم؟
فإن قالوا : فرض عليه إسلام نفسه وأهله ، أتوا بعظيمة لا يقولها مسلم.
وإن قالوا : بل فرض عليه أن يمتنع من ذلك ويقاتل رجعوا إلى الحق ، ولزم ذلك كل مسلم في كل مسلم وفي المال كذلك.
قال أبو محمد : والواجب إن وقع شيء من الجور وإن قلّ أن يكلم الإمام في ذلك ويمنع منه ، فإن امتنع وراجع الحق ، وأذعن للقود من البشرة ، أو من الأعضاء ، ولإقامة حدّ الزنا والقذف والخمر عليه فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه.
فإن امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ، ممن يقوم بالحق لقول الله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [سورة المائدة : ٢].
ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرائع. وبالله تعالى التوفيق.