قال أبو محمد : فعلى هذا إن قتله قاتل قبل أن يلفظ بالإسلام فلا قود عليه ولا دية ، وإن مات لم يرث ولم يورث.
وقالت طائفة من العجاردة : لا نتولى أطفالنا قبل البلوغ ولا نبرأ منهم لكن نقف منهم حتى يلفظوا بالإسلام بعد البلوغ.
قال أبو محمد : والعجاردة هم الغالبون على خوارج خراسان ، كما أنّ النكار من الإباضية هم الغالبون على خوارج الأندلس.
وقالت المكرميّة ، وهم أصحاب أبي مكرم وهم من الثعالبة أصحاب ثعلبة وهم من الصّفرية ، وإلى قول الثعالبة رجع عبد الله بن إباض فبرئ منه أصحابه ، فهم لا يعرفونه اليوم ، ولقد سألنا من هو مقدمهم في علمهم ومذهبهم عنه فما عرفه أحد منهم. وكان من قول المكرمية هؤلاء : أن من أتى كبيرة فقد جهل الله تعالى ، فهو كافر ليس من أجل الكبيرة كفر ، لكن لأنه جهل الله عزوجل ، فهو كافر بجهله بالله تعالى.
وقالت طائفة من الخوارج : ما كان من المعاصي فيه حدّ كالزنى والسرقة والقذف فليس فاعله كافرا ، ولا مؤمنا ، ولا منافقا. وأمّا ما كان من المعاصي لا حدّ فيه فهو كفر وفاعله كافر.
وقالت الحفصية وهم أصحاب حفص بن أبي المقدام من الإباضية : من عرف الله تعالى وكفر بالنبي صلىاللهعليهوسلم فهو كافر وليس بمشرك ، فإن جهل الله تعالى أو جحده فهو حينئذ مشرك.
وقال بعض أصحاب الحارث الإباضي : المنافقون على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما كانوا موحدين لله تعالى أصحاب كبائر. ومن حماقاتهم قول بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد ، فإنه كان يقول : كل ذنب صغير أو كبير ولو كان أخذ حبة خردل بغير حق أو كذبة خفيفة على سبيل المزاح فهي شرك بالله ، وفاعلها كافر مشرك مخلد في النار ، إلّا أن يكون من أهل بدر فهو كافر مشرك من أهل الجنة ، وهذا حكم طلحة والزبير رضي الله عنهما عندهم.
ومن حماقاتهم قول عبد الله بن عيسى ، تلميذ بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد المذكور ، فإنه كان يقول : إن المجانين والبهائم والأطفال ما لم يبلغوا الحلم فإنهم لا يألمون البتة لشيء مما ينزل بهم من العلل ، وحجته في ذلك أن الله تعالى لا يظلم أحدا ، وهو اللطيف الرحمن الرحيم فلو آلمهم بغير ذنب لكان ظالما لهم.
قال أبو محمد : لعمري لقد طرد أهل المعتزلة ، وإن من خالفه في هذا لمتلوث في الحماقة ، متسكع في التناقض.