ذكرنا من تفاضلها في الصدق والوضوح والصفاء من كل تخليط ، وقد تخرّج هذه النسب والأقسام ، على أنه عليهالسلام إنما أراد بذلك رؤيا الأنبياء عليهمالسلام ، فمنهم من رؤياه جزء من ستة وعشرين جزءا من أجزاء نبوته وخصائصه وفضائله ، ومنهم من رؤياه جزء من سبعين جزءا من نبوته وخصائصه وفضائله ، وهذا هو الأظهر والله أعلم ، ويكون خارجا على مقتضى ألفاظ الحديث بلا تأويل يتكلف. وأما رؤيا غير الأنبياء فقد تكذب وقد تصدق ، إلا أنه لا يقطع على صحة شيء منه إلا بعد ظهور صحته ، حاشى رؤيا الأنبياء فإنها كلها وحي مقطوع على صحته ، كرؤيا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ولو رأى ذلك غير نبي في الرؤيا فأنفذه في اليقظة لكان فاسقا عابثا ، أو مجنونا ذاهب التمييز بلا شك ، وقد تصدق رؤيا الكافر ولا تكون حينئذ جزءا من النبوة ولا مبشرات ولكن إنذارا له أو لغيره ووعظا وبالله تعالى التوفيق.
__________________
(حديث ٦٩٨٣) عن أنس بن مالك بلفظ : «الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوّة» ورواه أيضا برقم (٦٩٩٤) بلفظ : «من رآني في المنام فقد رآني ، فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي. ورؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوّة». ورواه في التعبير باب ٢٦ (حديث ٧٠١٧) عن أبي هريرة بلفظ : «إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن ، ورؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوة ، وما كان من النبوّة فإنه لا يكذّب». ورواه في الرؤيا (حديث رقم ٦٩٨٧) عن عبادة بن الصامت بلفظ : «رؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوّة». وجاء أيضا بألفاظ أخرى. ورواه مسلم في الرؤيا حديث ٦ ـ ٩. وأبو داود في الأدب باب ٢ و ٨٨. والترمذي في البر والصلة باب ٦٦ ، والرؤيا باب ١ و ٢ و ٦ و ١٠. وابن ماجة في الرؤيا باب ١. والدارمي في الرؤيا باب ٢. ومالك في الشعر حديث ١٧ ، والرؤيا حديث ١ و ٣. وأحمد في المسند (١ / ٢٩٦ ، ٣١٥ ، ٢ / ١٨ ، ٥٠ ، ١١٩ ، ١٢٢ ، ١٣٧ ، ٢١٩ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٦٩ ، ٣٤٢ ، ٣٦٩ ، ٤٣٨ ، ٤٩٥ ، ٥٠٧ ، ٣ / ١٠٦ ، ١٢٦ ، ١٤٩ ، ١٨٥ ، ٢٦٧ ، ٢٦٩ ، ٣٤٢ ، ٤ / ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٣ ، ٥ / ٣١٦ ، ٣١٩).