قال عزوجل ، إما بالعربية ، وإما بلغة أخرى ، أو بكل لغة ، فإن كان عزوجل علمه الأسماء بالعربية ، فإن لفظة اسم من جملة ما علمه لقوله تعالى الأسماء كلها ، ولأمره تعالى آدم بأن يقول للملائكة : أنبئوني بأسماء هؤلاء.
فلا يجوز أن يخصّ من هذا العموم شيء أصلا ، بل هو لفظ موقف عليه كسائر الأسماء ولا فرق ، وهو من جملة ما علمه الله تعالى آدم عليهالسلام ، إلا أن يدّعوا أن الله تعالى اشتقه فالقوم كثيرا ما يستسهلون الكذب على الله تعالى والإخبار عنه بما لا علم لهم به ، فصح يقينا أن لفظة الاسم لا اشتقاق لها ، وإنما هي اسم مبتدأ كسائر أسماء الأنواع والأجناس ، وإن كان الله تعالى علم آدم الأسماء كلها بغير العربية فإن اللغة العربية موضوعة للترجمة عن تلك اللغة يدل كل اسم من تلك اللغة على اسم من العربية موضوع للعبادة عن تلك الألفاظ ، وإذا كان هذا فلا مدخل للاشتقاق في شيء من الأسماء أصلا لا لفظة اسم ولا غيرها. وإن كان تعالى علمه الأسماء بالعربية وبغيرها من اللغات غير العربية فلفظة اسم من جملة ما علمه وبطل أن يكون مشتقا أصلا ، والحمد لله رب العالمين ، فبطل قولهم في اشتقاق الاسم وعاد حجة عليهم وبالله تعالى التوفيق.
وأما بيت لبيد : فإنه يخرج على وجهين : أحدهما أن السلام اسم من أسماء الله عزوجل ، قال تعالى : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) [سورة الحشر : ٢٣].
ولبيد رحمهالله مسلم صحيح الصحبة للنبي صلىاللهعليهوسلم فمعناه : «ثم اسم الله عليكما حافظ لكما» والوجه الثاني : أنه أراد بالسلام التحية ، ولبيد لا يقدر هو ولا غيره على إيقاع معنى التحية عليهما ، وإنما يقدر على ذلك الله تعالى بلا خلاف من أحد ، وإنما يقدر لبيد وغيره على إيقاع اسم التحية والدعاء بها فقط ، فأي الأمرين كان فاسم السلام في بيت لبيد هو غير السلام ، فالاسم في ذلك البيت غير المسمى ولا بد. ثم لو صح ما يدعونه على لبيد ولا يصح لكان قول عائشة رحمها الله إنما أهجر اسمك بيانا أن الاسم غير المسمى وأن اسمه عليهالسلام غيره لأنها أخبرت أنها لا تهجره وإنما تهجر اسمه وهي رضوان الله عليها ليست في الفصاحة دون لبيد ، وهي أولى بأن تكون حجة من لبيد فكيف وقول لبيد حجة عليهم لا لهم ..؟ والحمد لله رب العالمين. وقد قال رؤبة «باسم الّذي في كلّ سورة اسمه» (١) ورؤبة ليس دون لبيد في
__________________
(١) ويروى : «سمه» وهو شاهد على أن «سم» لغة في «اسم». والرجز بلا نسبة في أسرار العربية