يكون مخلوقا بل هو ربّي وخالقي ، أؤمن به ولا أكفر به ، ولو قال غير هذا لكان كافرا حلال الدم لأنه لا يمكن أن يسأل عن ذات البارى تعالى ولا عن الذي هو ربنا عزوجل وخالقنا والذي هو المسمى بهذه الأسماء ، ولا إلى الذي يخبر عنه ولا إلى الذي يذكر ألا يذكر أسمه ولا بد ، فلما كان الجواب في هذه المسألة يموهه أهل الجهل بإيصال ما لا يجوز إلى ذات الله عزوجل لم يجز أن يطلق الجواب في ذلك البتة إلا بتقسيم كما ذكرنا ، وكذلك لو كتب إنسان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم أو نطق بذلك ثم قال لنا هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم ليس رسول الله؟ وأ تؤمنون بهذا أو تكفرون به ..؟ لكان من قال ليس رسول الله وأنا أكفر به كافرا حلال الدم بإجماع أهل الإسلام ، لكن يقول بل هو رسول الله ، ونحن نؤمن به. ولا يختلف اثنان في أن الصوت المسموع والخط المكتوب ، ليس هو الله ولا رسول الله ، وبالله تعالى التوفيق.
فإن قالوا : إن أحمد بن حنبل ، وأبا زرعة عبيد الله بن عبد الكريم ، وأبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الراوين رحمهمالله يقولون إن الاسم هو المسمى. قلنا لهم : إن هؤلاء رضي الله عنهم وإن كانوا من أهل السنة ومن أئمتنا فليسوا معصومين من الخطأ ، ولا أمرنا الله تعالى عزوجل بتقليدهم واتباعهم في كل ما قالوه ، وهؤلاء رحمهمالله أراهم اختيار هذا القول قولهم الصحيح أن القرآن هو المسموع من القراء ، والمخطوط في المصاحف نفسه ، وهذا قول صحيح ولا يوجب أن يكون الاسم هو المسمى على ما قدمنا في هذا الباب ، وفي باب الكلام في القرآن ، والحمد لله رب العالمين ، وإنما العجب كله ممن قلب الحق وفارق هؤلاء المذكورين حيث أصابوا وحيث لا يحل خلافهم وتعلق بهم حيث وهموا ، من هؤلاء المنتمين إلى الأشعري ، القائلين بأن القرآن لم ينزل قط إلينا ولا سمعناه قط ، ولا نزل به جبريل قط على قلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأن الذي في المصاحف هو شيء آخر غير القرآن ، ثم أتبعوا هذه الكفرة الصلعاء بأن قالوا : إن اسم الله هو الله وأنه ليس لله إلا اسم واحد ، وكذّبوا الله تعالى ورسوله في أن لله أسماء كثيرة تسعة وتسعين ونعوذ بالله من الخذلان.
قال أبو محمد : ولو أن إنسانا يشير إلى كتاب مكتوب فيه الله ، فقال هذا ليس ربي وأنا كافر بهذا لكان كافرا ، ولو قال هذا المداد ليس ربي وأنا كافر بربوبية هذا الصوت لكان صادقا ، وهذا لا ينكر وإنما نقف حيث وقفنا. ولو أن إنسانا قال محمد رسول الله رحمهالله لم يبعد من الاستخفاف ، فلو قال اللهم ارحم محمدا وآل محمد لكان محسنا. ولو أن إنسانا يذكر من أبويه العضو المستور باسمه عاقّا أتى كبيرة وإن كان صادقا ، وبالله تعالى التوفيق.