والحارث ...» (١) وروي : «أكذبها خالد ، ومالك» ، وهذا كله سبق أن الاسم غير المسمى ، فقد يسمى عبد الله وعبد الرحمن من يبغضه الله عزوجل ، وقد يسمى من يكون كذّابا الحارث وهماما ، ويسمى الصادق خالدا ومالكا ، فهم بخلاف أسمائهم. واحتجوا أيضا بأن قالوا قد أجمعت الأمم كلها على أنه إذا سئل المرء ما اسمك؟ قال : فلان فإذا قيل له كيف سميت ابنك وعبدك؟ قال : سميته فلانا ، فصح أن تسميته هي اختياره وإيقاعه ذلك الاسم على المسمى فصح يقينا أن التسمية غير الاسم وغير المسمى ، وأن الاسم غير المسمى. واحتجوا من طريق النظر بأن قالوا إنهم يقولون إن اسم الله تعالى هو الله نفسه ، ثم لا يسألون بأن يقولوا أسماء الله تعالى مشتقة من صفاته فعليم مشتق من علم ، وقدير من قدرة ، وحيّ من حياة ، فإذا اسم الله هو الله ، واسم الله مشتق ، فالله تعالى على قولكم مشتق وهذا كفر بارد ، وكلام سخيف لا مخلص لهم فيه ، فصحت البراهين المذكورة من القرآن والسنن ، والإجماع والعقل ، واللغة والنحو ، على أن الاسم غير المسمى بلا شك. ولقد أحسن أحمد بن حداد ما شاء أن يحسن إذ يقول :
هيهات يا أخت آل بما غلطت |
|
في الاسم والمسمى |
لو كان ذاك وقيل سم |
|
مات إذن من يقول سما |
قال أبو محمد : وبلغني وأخبرني أبو عبد الله القطان السابح أنّه شاهد بعضهم قد كتب الله في سحاءة وجعل يصلي إليها قال فقلت له : ما هذا ...؟ قال : معبودي. قال : فنفخت فيها فطارت فقلت له قد طار معبودك قال فضربني.
قال أبو محمد : وموهوا فقالوا فأسماء الله عزوجل إذن مخلوقة إذ هي كثيرة ، وإذ هي غير الله تعالى؟ قلت لهم وبالله تعالى التوفيق : إن كنتم تعنون الأصوات التي هي حروف الهجاء والمخطوط به في القرطاس فما يختلف مسلمان في أن كل ذلك مخلوق ، وإن كنتم تريدون الإيهام والتمويه بإطلاق الخلق على الله تعالى فمن أطلق ذلك فهو كافر ، بل إن أشار مشير إلى كتاب مكتوب فيه «الله» أو بعض أسماء الله تعالى أو إلى كلامه إذ قال يا الله وقال بعض أسمائه عزوجل فقال أهذا مخلوق أو أهذا ليس ربكم أو تكفرون بهذا ...؟ لما حل لمسلم إلا أن يقول حاشى لله من أن
__________________
(حديث ٨٠) وأحمد في المسند (٦ / ٦١).
(١) رواه البخاري في الأدب (باب ١٠٥ ، ١٠٦) ومسلم في الأدب (حديث ٢) وابن ماجة في الأدب (باب ٣٠) والترمذي في الأدب (باب ٦٤) والدارمي في الاستئذان (باب ٢٠) وأحمد في المسند (٢ / ٢٤ ، ١٢٨).