واحتجوا من الإجماع بأن جميع أهل الإسلام لا نحاشي منهم أحدا قد أجمعوا على القول بأن من حلف باسم من أسماء الله عزوجل فحنث فعليه الكفارة ، ولا خلاف في أن ذلك لازم فيمن قال والله ، أو والرحمن أو والصّمد ، أو أي اسم من أسماء الله عزوجل حلف بها ، وسبحان من خلق عقولا لا يدخل فيها تخطئة ما جاء به الله عزوجل في القرآن ، وما قاله رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما أجمع عليه أهل الإسلام وما أصفق عليه أهل الأرض قاطبة من أن الاسم هو الكلمة المجموعة من الحروف المقطعة ، وتصويب الباقلاني ، وابن فورك ، في أن ذلك ليس هو الاسم وإنما هو التسمية ، والحمد لله الذي لم يجعلنا من أهل هذه الصفة المرذولة ولا من هذه العصابة المخذولة. واحتجوا أيضا بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أرسلت كلبك فذكرت اسم الله فكل» (١) فصح أن اللفظ المذكور هو اسم الله تعالى. وقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن له أسماء هي أحمد ، ومحمد ، والعاقب ، والحاشر ، والماحي. فيا لله ويا للمسلمين أيجوز أن يظن ذو مسكة عقل أن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خمس ذوات؟ تبارك الذي يخلق ما لا نعلم.
وذكروا قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم «تسمّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي» (٢). فصح أن الاسم هو الميم والحاء والميم والدال بيقين لا شك فيه. واحتجوا بقول عائشة رضي الله عنها بحضرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد قال لها عليهالسلام : «إذا كنت راضية عنّي قلت لا وربّ محمّد ، وإذا كنت ساخطة قلت لا وربّ إبراهيم» قالت : أجل يا رسول الله ما أهجر إلّا اسمك (٣). فلم ينكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليها هذا القول ، فصح أن اسمه غيره بلا شك لأنها لم تهجر ذاته وإنما هجرت اسمه. واحتجّوا أيضا بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أحب الأسماء إلى الله عزوجل عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدق الأسماء همام
__________________
(١) رواه البخاري في الذبائح (باب ١ و ٢ و ٩) ومسلم في الصيد (حديث ٣ ـ ٦) وأبو داود في الأضاحي (باب ٢٢) والنسائي في الصيد (باب ٦ و ٧ و ٨) والدارمي في الصيد (باب ١) وأحمد في المسند (٤ / ٢٥٦ ، ٣٨٠).
(٢) رواه البخاري في العلم (باب ٣٨) والمناقب (باب ٢٠) والخمس (باب ٧) والبيوع (باب ٤٩) والأدب (باب ١٠٦ ، ١٠٩) ومسلم في الأدب (حديث ١ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٨) وأبو داود في الأدب (باب ٦٦) وابن ماجة في الأدب (باب ٣٣) ، والدارمي في الاستئذان (باب ٥٨) وأحمد في المسند (٢ / ٢٤٨ ، ٢٦٠ ، ٢٧٠ ، ٢٧٧ ، ٣١٢ ، ٣٩٣ ، ٣٩٥ ، ٤٥٥ ، ٤٥٧ ، ٤٦١ ، ٤٧٠ ، ٤٧٨ ، ٤٩١ ، ٤٩٩ ، ٥١٩ ، ٣ / ١١٤ ، ١٢١ ، ١٧٠ ، ١٨٩ ، ٢٩٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣١٣ ، ٣٦٩ ، ٣٧٠ ، ٣٨٥).
(٣) رواه البخاري في النكاح (باب ١٠٨) والأدب (باب ٦٣) ومسلم في فضائل الصحابة ،