هذا ودعواهم في ذلك ظاهرة الكذب بلا دليل ، ولا يرضى بهذا لنفسه عاقل.
قال أبو محمد : الاسم غير المسمّى ، فهو شيء ثالث غير الاسم وغير المسمى ، فذات الخالق تعالى هي الله المسمّى. والتسمية : هي تحريكنا عضل الصدر واللسان عند نطقنا بهذه الحروف وهي غير الحروف ، لأن الحروف هي الهواء المندفع بالتحريك فهو المحرّك بفتح الراء ، والإنسان هو المحرّك بكسر الرّاء ، والحركة هي فعل المحرّك في دفع المحرّك ، وهذا أمر معلوم بالحس ، مشاهد بالضرورة ، متفق عليه في جميع اللغات.
واحتجوا أيضا بقول الله تعالى : (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) [سورة مريم : ٧].
وهذا نص لا يحتمل تأويلا في أن الاسم هو (الياء والحاء والياء والألف) ولو كان الاسم هو المسمى لما عقل أحد معنى قوله تعالى : (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) ولا فهم ، ولكان فارغا حاشا لله من هذا. ولا خلاف في أن معناه لم يعلق هذا الاسم على أحد قبله.
وذكروا أيضا قول الله عزوجل عن نفسه : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [سورة مريم : ٦٥] وهذا نص جليّ على أن أسماء الله تعالى التي اختص بها لا تقع على غيره ، ولو كان ما يدعونه لما عقل هذا اللفظ أحد أيضا ، حاشا لله من هذا.
واحتجوا أيضا بقول الله تعالى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [سورة الصف : ٦] وهذا نص على أن الاسم هو (الألف ، والحاء ، والميم ، والدال) إذا اجتمعت. واحتجوا أيضا بقول الله عزوجل : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، إلى قوله : (قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) [سورة البقرة : ٣١ ـ ٣٣].
وهذا نصّ جليّ على أن الأسماء كلها غير المسمّيات ، لأن المسميات كانت أعيانا قائمة ، وذوات ثابتة ، تراها الملائكة ، وإنما جهلت الأسماء فقط التي علمها الله آدم ، وعلمها آدم الملائكة ، وذكروا قول الله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [سورة الإسراء : ١١٠].
وهذا ما لا حيلة لهم فيه ، لأن لفظة (الله) هي غير لفظة (الرحمن) بلا شك وهي بنص القرآن أسماء الله تعالى. والمسمّى واحد لا يتغاير بلا شك.
وذكروا قول الله عزوجل : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) [سورة الأنعام : ١٢١]. وهذا بيان أيضا جليّ مجمع عليه من أهل الإسلام أن الذي عنده التذكية فهو الكلمة المجموعة من الحروف المقطعة ، مثل (الله الرحمن الرحيم) وسائر أسمائه عزوجل.