[سورة فاطر : ٩](فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) [سورة الأعراف : ٥٧](فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) [سورة ق : ٩].
وأما ما كان من تلك التجارب خارجا عما ذكرنا فهي دعاوى لا تصح لوجوه : أحدها أن التجربة لا تصح إلا بتكرّر كثير موثوق بدوامه تضطر النفوس إلى الإقرار به ، كاضطرارنا إلى الإقرار بأن الإنسان إن بقي ثلاث ساعات تحت الماء مات ، وإن أدخل يده في النار احترق ، ولا يمكن هذا في القضاء بالنجوم لأن النصب الدالة عندهم على الكائنات لا تعود إلا في عشرات الآلاف من السنين لا سبيل إلى أن تصح فيها تجربة ولا إلى أن تبقى دورة تراعي تكرار تلك الأدوار ، وهذا برهان مقطوع به على بطلان دعواهم في صحة القضاء بدلائل النجوم.
وبرهان آخر : وهو أن شروطهم في القضاء لا يمكنهم الإحاطة بها أصلا من معرفة مواقع السهام ، ومطارح الشعاعات ، وتحقيق الدرج النيرة والمظلمة والآثار ، والكواكب السارية وسائر شروطهم التي يقرون أنه لا يصح القضاء إلا بتحقيقها.
وبرهان ثالث : وهو أنه ما دام يشتغل المعدّل في تعديل كوكب زلّ عنه سائر الكواكب ولو دقيقة ولا بد ، وفي هذا فساد القضاء بإقرارهم.
وبرهان رابع : وهو ظهور يقين الباطل في دعواهم إذ جعلوا طبع زحل البرد واليبس ، وطبع المريخ الحر واليبس ، وطبع القمر البرد والرطوبة ، وهذا الصفات إنما هي للعناصر التي دون فلك القمر ، وليس شيء منها في الأجرام العلوية لأنها خارجة عن محل حوامل هذه الصفات ، والأعراض لا تتعدى حواملها ، والحوامل لا تتعدى مواضعها التي رتبها الله فيها.
وبرهان خامس : وهو ظهور كذبهم في قسمتهم الأرض على البروج والدراري ، ولسنا نقول في المدن التي يمكنهم فيها دعوى أن بناءها كان في طالع كذا ، ونصبة كذا ، لكن في الأقاليم والقطع من الأرض التي لم يتقدم كون بعضها كون بعض فظهر كذبهم فيما عليه بنوا قضاياهم في النجوم ، وكذلك قسمتهم أعضاء الجسم والفلزات على الدراري أيضا.
وبرهان سادس : أننا نرى نوعا وأنواعا من أنواع الحيوان قد فشا فيها الذبح ، فلا يكاد يموت شيء منها إلا مذبوحا كالدجاج ، والحمام ، والضأن والمعز والبقر التي لا يموت حتف أنفه إلا في غاية الشذوذ ، ونوعا وأنواعا لا تكاد تموت إلا حنف أنوفها كالحمر ، والبغال ، وكثير من السباع ، وبالضرورة يدري كل أحد أنها قد تستوي أوقات