ذي نهاية ، ومكان غير ذي نهاية لكان قادرا على ذلك لما وجب من ذلك إثبات ما ادعيتم من وجود معان في وقت واحد ولا نهاية لها ، إذ ليس هاهنا عقل يوجب ذلك ، ولا قرآن يوجب ذلك ، ولا خبر يوجب ذلك ، وإنما هو قياس منكم ، إذ قلتم لمّا كان قادرا على أن يخلق ما لا نهاية له قلنا : إنه قد خلق ما لا نهاية له ، فهذا قياس والقياس كله باطل ، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا ، لأنه بزعمكم قياس موجود على معدوم وقياس وتشبيه لما قد خلقه بزعمكم على ما لم يخلقه ، وهذا في غاية الفساد ، ولا فرق بينكم في هذا القياس الفاسد وبين من يقول : إن في بلد كذا قوما يشمّون من عيونهم ، ويسمعون من أنوفهم ، ويذوقون من آذانهم ، ويبصرون من ألسنتهم ، فإذا كذّب في ذلك وسئل برهانا على دعواه قال أتقرون أن الله تعالى قادر على خلق ذلك فقلنا له نعم ، قال هذا دليل على صحة دعواي. بل أنتم أسوأ حالا لأن هذا أخبر عن متوهم لو كان كيف كان يكون ، وأنتم تخبرون عن غير متوهم في النفس ولا متشكل في العقل وهو إقراركم بوجود معان لا نهاية لعددها في وقت واحد.
قال أبو محمد : فبطل هذا القول والحمد لله رب العالمين. وكان يكفي من بطلانها أنها دعوى لا برهان على صحتها وهي دعوى فاسدة غير ممكنة بل هي محال لا يتوهم ولا يتشكل وبالله تعالى التوفيق.