إلى الغرب بكون هذه إلى الشرق وكون هذه إلى الغرب بذاته وبالغيريّة فقط وهكذا في كل شيء.
فكل شيئين وقعا تحت نوع واحد مما يلي الأشخاص فإنهما يختلفان بغيريتهما ، فإن كانا وقعا تحت نوعين فإنهما يختلفان بالغيريّة في الشخص وبالغيرية في النوع أيضا ، والغيريّة أيضا لها نوع جامع لجميع أشخاصها إلا أن كل ذلك واقف عند حدّ من العدد لا يزيد ولا بد. ثم نسألهم : خبّرونا عن المعاني التي تدّعونها في حركة واحدة أيما أكثر أهي أم المعاني التي تدعونها في حركتين؟ فإن أثبتوا قلة وكثرة تركوا مذهبهم وأوجبوا النهاية في المعاني التي نفوا النهاية عنها ، وإن قالوا : لا قلة ولا كثرة هاهنا كابروا وأتوا بالمحال الناقض أيضا لأقوالهم ، لأنهم إذا أوجبوا للحركة معنى أوجبوا للحركتين معنيين وهكذا أبدا ، فوجبت الكثرة والقلة ضرورة لا محيد عنها.
قال أبو محمد : فلم يكن لهم جواب أصلا إلا أن بعضهم قال : أخبرونا أليس الله تعالى قادرا على أن يخلق في جسم واحد حركات لا نهاية لها؟
قال أبو محمد : فجواب أهل الإسلام في هذا السؤال : نعم. وأما من عجّز ربه فأجابوا بلا ، وسقط هذا السؤال عنهم ، وكان سقوط الإسلام عنهم بهذا الجواب أشد من سقوط سؤال أصحاب معمّر.
قال أبو محمد : فتمادى سؤالهم لأهل الحق فقالوا : فأخبرونا أيما أكثر ما يقدر الله تعالى عليه من خلق لحركات في جسمين أو ما يقدر عليه من خلق الحركات في جسم واحد؟ فكان جواب أهل الحق في ذلك أنه لا يقع عدد على معدوم ، ولا يقع العدد إلا على موجود معروف ، والذي يقدر الله تعالى عليه ولم يفعله فليس هو بعد شيئا ولا له عدد ولا هو معدوم ولا نهاية لقدرة الله تعالى ، وأما ما يقدر عليه تعالى ولم يفعله فلا يقال فيه إن له نهاية ولا أنه لا نهاية له ، وأما كل ما خلق تعالى فله نهاية بعد ، وكذلك كل ما يخلق فإذا خلقه حدثت له نهاية حينئذ لا قبل ذلك. وأما المعاني التي تدّعونها فإنكم تزعمون أنها موجودة قائمة فوجب أن تكون لها نهاية ، فإن نفيتم النهاية عنها لحقتم بأهل الدهر وكلمناكم بما كلمناهم به مما قد ذكرنا قبل وبالله تعالى التوفيق.
ثم لو تثبت لكم هذه العبارة من قول القائل إنّ ما يقدر الله تعالى عليه لا نهاية لعدده ، وهذا لا يصح ، بل الحق في هذا أن يقول : إن الله تعالى قادر على أن يخلق ما لا نهاية له في وقت ذي نهاية ومكان ذي نهاية ، ولو شاء أن يخلق ذلك في وقت غير