ولم تختلف أمة ولا لغة في صحة قول القائل مات فلان ، وسقط الحائط ، فنسب الله تعالى وجميع خلقه الموت إلى الميت ، والسقوط إلى الحائط ، والانهيار إلى الجرف ، لظهور كل ذلك منها ليس في القرآن ولا في السنن ولا في اللغات ولا في العقول شيء غير هذا الحكم ، ومن خالف هذا فقد اعترض على الله تعالى وعلى رسوله صلىاللهعليهوسلم وعلى جميع الأمم وعلى جميع عقولهم ، وهذه صفة من عظمت مصيبته بنفسه ، ومن لا دين له ، ولا عقل ولا حياء ، ولا علم ، وصح بكل ما ذكرنا أنّ إضافة كل أمر في العالم إلى الله تعالى هي على غير إضافته إلى من ظهر منه ، وإنما إضافته إلى الله تعالى لأنه خلقه ، وأما إضافته إلى من ظهر منه أو تولد عنه فلظهوره منه اتباعا للقرآن ، ولجميع اللغات ، ولسنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكل هذه الإخبارات ، وكلتا هاتين الإضافتين حقّ لا مجاز في شيء من ذلك ، لأنه لا فرق بين ما ظهر من حيّ مختار أو من غير حيّ ولا مختار في أن كل ذلك ظاهر مما ظهر منه ، وأنه مخلوق لله تعالى إلا أن الله تعالى خلق في الحي اختيارا لما ظهر منه ، ولم يخلق اختيارا في ما ليس حيّا ولا مريدا. فما تولد عن فعل فاعل فهو فعل الله تعالى بمعنى أنه خلقه ، وهو فعل ما ظهر منه بمعنى أنه ظهر منه. قال الله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [سورة الأنفال : ١٧]. وقال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [سورة الواقعة : ٦٣ ، ٦٤].
وهذا نص قولنا وبالله تعالى التوفيق.