[١١٨] (وَ) تاب الله (عَلَى الثَّلاثَةِ) كعب وهلال ومرارة (الَّذِينَ خُلِّفُوا) بقوا في المدينة ولم يتبعوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزوة تبوك ، كأنّ الشيطان صار سبب تخلفهم ، فان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما رجع عن تبوك أمر الناس بعدم معاشرة الثلاثة والتكلم معهم وبعد أربعين يوم نزلت التوبة عليهم (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) أي برحبها وسعتها (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) للوحشة التي طرأتها بسبب انقطاع الناس عنهم (وَظَنُّوا) أيقنوا (أَنْ) مخففة من الثقيلة (لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ) لا مفر من عقابه (إِلَّا إِلَيْهِ) بأن يستغفروا حتى يقبل توبتهم (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) بأن عطف الله عليهم (لِيَتُوبُوا) ويرجعوا عن عصيانهم فإنه لو لا عطف الله وتوفيقه لم تحصل التوبة من العبد (إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
[١١٩] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) خافوا عقابه (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) اعملوا كما يعمل الصادقون.
[١٢٠] (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ) أي القبائل المحيطة بالمدينة (أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ) نهي بصيغة النفي ، أي ليس لأهل المدينة وأطرافها أن لا يخرجوا مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا خرج للغزو (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) بأن يطلبوا لأنفسهم الدعة فيما يكابد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المشاق (ذلِكَ) النهي عن التخلف (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم (لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ) عطش (وَلا نَصَبٌ) تعب (وَلا مَخْمَصَةٌ) جوع (فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً) لا يضعون أقدامهم موضعا (يَغِيظُ) ذلك الموطئ (الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً) قتلا أو جرحا أو نهبا أو أسرا (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ) بسبب ذلك العمل أو الأذى (عَمَلٌ صالِحٌ) أي أثبت في ديوان حسناتهم (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) الذين أحسنوا بالجهاد فإنه يثيبهم على كل عمل.
[١٢١] (وَلا يُنْفِقُونَ) في سبيل الله (نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً) صحراء بسيرهم إلى الحرب (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ) في ديوان الحسنات (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ) بسبب تلك الأمور (أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي أحسن جزاء أعمالهم.
[١٢٢] (وَما كانَ) نهي في صيغة نفي (الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا) يخرجوا من بلادهم إلى المدينة (كَافَّةً) جميعا (فَلَوْ لا) تحريض ، أي فلما ذا ما (نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ) جماعة (مِنْهُمْ طائِفَةٌ) أفراد (لِيَتَفَقَّهُوا) أي يتفهموا تلك الطائفة (فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا) يخوّفوا (قَوْمَهُمْ) بعذاب الله إذا ارتكبوا المعاصي (إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) عما انذروا ، وفي الآية تفسير آخر.