[٧٨] (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ) أخبارهم كموسى عليهالسلام وعيسى عليهالسلام وغيرهما (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) أخبارهم كسائر الأنبياء الكثيرين (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) بمعجزة (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) بأمره ، فاقتراح هؤلاء عليك بأن تأتي بآية اقتراح باطل (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) بعذابهم في الدنيا أو الآخرة (قُضِيَ) حكم بين المحق والمبطل (بِالْحَقِ) بإنجاء المؤمن وإهلاك الكافر (وَخَسِرَ هُنالِكَ) وقت مجيء أمر الله (الْمُبْطِلُونَ) أهل الباطل لأن العذاب يأخذهم حينذاك.
[٧٩] (اللهُ) هو (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها) كالإبل (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) كالبقر والغنم.
[٨٠] (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) كاللبن والجلد والشعر (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها) بركوبها وحملها إلى (حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) بالسفر وحملها الأثقال لإيصالها إلى أماكنها (وَعَلَيْها) في البر (وَعَلَى الْفُلْكِ) السفينة في البحر (تُحْمَلُونَ) يحملكم الله حتى تبلغوا مقاصدكم.
[٨١] (وَيُرِيكُمْ) الله (آياتِهِ) دلائل توحيده وسائر صفاته (فَأَيَ) آية من (آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) وكلها جلية واضحة.
[٨٢] (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) يسافر هؤلاء الكفار (فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم السابقة فإن سفرهم يوجب أن يروا آثار المنازل الخربة التي عذّب أهلها ، ويسمعوا أخبارهم من الذين في أطراف تلك الخرائب (كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ) من هؤلاء الكفار أفرادا (وَأَشَدَّ قُوَّةً) في البدن والمال والعلم وما أشبه (وَ) أكثر (آثاراً) كالقلاع والمدن والصنائع (فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ) ما أفادهم في دفع العذاب عنهم (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) كسبهم.
[٨٣] (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالأدلة الظاهرة (فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) وقالوا يكفينا علمنا عن هدايتكم ، والمراد بالعلم ما حسبوه علما من عقائدهم الباطلة (وَحاقَ) أحاط (بِهِمْ ما) العذاب الذي (كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) فإنه إذا قيل لهم : يأخذكم العذاب ، استهزءوا.
[٨٤] (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) عذابنا الشديد (قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما) الأصنام التي (كُنَّا بِهِ) بسبب تلك الأصنام (مُشْرِكِينَ) بالله.
[٨٥] (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) إذ لا يقبل إيمان المضطر فإن الإيمان إنما هو للامتحان ولا امتحان للمجبور في فعله (سُنَّتَ اللهِ) أي سنّ الله سنته بإهلاك المكذبين وعدم قبول إيمانهم في حال نزول العذاب (الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ) وقت رؤيتهم بأسنا (الْكافِرُونَ) لأنه قد فاتهم الثواب ولا مناص.