[٢١] (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ) لأعضائهم : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) بما يضرنا (قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) بدون قدرة على النطق ثم أنطقكم وهكذا أنطقنا (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في الآخرة إلى حسابه وجزائه.
[٢٢] (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) قبائحكم عن أعضائكم لأن بهذه الأعضاء عصيتم الله ، ولم تظنوا (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) في السرّ فلذلك اجترأتم على ما فعلتم.
[٢٣] (وَذلِكُمْ) أي ذلك الظن الخاطئ ، و(كم) للخطاب (ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) أهلككم ، فإن ظنكم بجهل الله سبب جرأتكم التي أوجبت هلاككم (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) حيث دخلتم النار.
[٢٤] (فَإِنْ يَصْبِرُوا) لا ينفعهم الصبر (فَالنَّارُ مَثْوىً) محلا (لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) يطلبوا العتبى أي الرضا (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) أي المرضيين ، والمعنى سواء سكتوا أو تكلموا فالنار مثوى لهم.
[٢٥] (وَقَيَّضْنا) هيّأنا (لَهُمْ) لهؤلاء الكفار (قُرَناءَ) إخوانا من الشياطين ، حيث إنهم لم يطيعونا في الاقتران بالمؤمنين قرناهم بالشياطين (فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الدنيا وشهواتها حتى ارتكبوها (وَما خَلْفَهُمْ) من أمر الآخرة حتى نفوها (وَحَقَ) ثبت (عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي قوله تعالى : (لأملأن جهنم) (١) (فِي) جملة (أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ) هلكت (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) وهؤلاء مثل أولئك في الكفر والعصيان (إِنَّهُمْ) إن هؤلاء (كانُوا خاسِرِينَ) خسروا سعادة الدارين.
[٢٦] (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بعضهم لبعض (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) إذا قرأه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَالْغَوْا فِيهِ) ارفعوا أصواتكم باللغو والكلام الباطل عند قراءة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم له (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم على قراءته فيترك القراءة.
[٢٧] (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً) في الآخرة (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أقبح الجزاء ، فإن الجزاء فيه سيئ وأسوأ.
[٢٨] (ذلِكَ) الجزاء السيّئ (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ) عطف بيان ل (ذلك) (لَهُمْ فِيها) في النار (دارُ الْخُلْدِ) محل إقامة أبدية (جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) ينكرون آياتنا.
[٢٩] (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا) سببا إضلالنا (مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أي الشيطان والإنس اللذين هما أضلانا (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) نطأهما انتقاما (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) في المكان والحال.
__________________
(١) سورة هود : ١١٩ ، قال تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).