قيل : البحيرة من الإبل التي بحرت أذنها ، أي : شقّت طولا ، ويقال : هي التي خلّيت بلا راع.
وقال الأزهري ، قال أبو إسحاق النحويّ : أثبت ما روينا عن أهل اللغة ، في البحيرة ، أنها الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن فكان آخرها ذكرا ، بحروا أذنها ، أي : شقّوها ، وأعفوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح ، ولا تحلّأ عن ماء ترده ، ولا تمنع من مرعى ، وإذا لقيها المعيي المنقطع به لم يركبها.
وقيل : البحيرة الشاة إذا ولدت خمسة أبطن ، فكان آخرها ذكرا ، بحروا أذنها ، أي : شقّوها وتركت فلا يمسّها أحد.
قال الأزهري : والقول هو الأوّل لما جاء في حديث أبي الأحوص الجشمي عن أبيه ، أن النبيّ (ص) قال له : أربّ إبل أنت أم ربّ غنم؟ فقال : من كلّ قد آتاني الله فأكثر ، فقال : هل تنتج إبلك وافية آذانها فتشقّ فيها وتقول : بحر؟ يريد جمع البحيرة.
أقول : وهذا من عاداتهم ومعتقدهم الذي درجوا عليه بالباطل فجاء الإسلام وأبطله.
وأمّا «السائبة» فهي أن الرجل في الجاهلية كان إذا قدم من سفر بعيد ، أو برئ من علّة ، أو نجته دابّة من مشقّة أو حرب قال : ناقتي سائبة ، أي : تسيّب فلا ينتفع بظهرها ، ولا تحلّأ عن ماء ، ولا تمنع من كلأ ، ولا تركب.
وقيل : بل كان ينزع من ظهرها فقارة أو عظما فتعرف بذلك ؛ فأغير على رجل من العرب ، فلم يجد دابة فركب سائبة ، فقيل : أتركب حراما؟ فقال : يركب الحرام من لا حلال له ، فذهبت مثلا (١).
وجاء في الصحاح : السائبة الناقة التي كانت تسيّب في الجاهلية ، لنذر ونحوه (٢).
وهذه أيضا آبدة من أوابدهم التي درجوا عليها ، وسنأتي إلى الوصيلة فنقول : الوصيلة كانت في الشّاء خاصّة ، فكانت الشّاة إذا ولدت أنثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكرا فهو
__________________
(١). «اللسان» (سيب).
(٢). «الصحاح» (سيب).