بالنوم ، ثم يبعثهم إلى الدار الاخرة كما بعث هؤلاء الفتية ، وما ذلك على الله بعزيز ، ولا هو في قدرته بعجيب. وتقرر هذه المقدمة أنّ العبرة من بعثهم والإعثار عليهم : أن يعلم الناس ، أنّ وعد الله حقّ ، وأنّ الساعة لا ريب فيها.
ب ـ وجاء أمر البعث مرة ثانية في هذه السورة حينما قررت أن الحق من الله ، وأن كل امرئ مخيّر في الإيمان أو الكفر :
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الآية ٢٩] فهناك دار أخرى غير هذه الدار ، يحاسب فيها كل امرئ ، ويجزى بما يستحقه :
(إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) [الآية ٢٩] وللذين آمنوا وعملوا الصالحات (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) [الآية ٣١].
ج ـ وجاء أمر البعث في المثل الذي ضربه الله للناس عن صاحب الجنّتين وزميله ، وما كان من إنكاره قدرة الله ، وشكّه في الساعة ، ونصح صاحبه له وتبرّئه منه ، وأن الله قد أحال الجنتين صعيدا زلقا ؛ وحينئذ ، تنبه الكافر فقال ، كما ورد في التنزيل :
(يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) (٤٢).
د ـ وجاء أمر البعث ، بعد هذا ، في المثل الذي ضربه الله بالحياة الدنيا ، يكون فيها نبات وزينة ، ثمّ يصبح ذلك كلّه هشيما تذوره الرياح ، وتنتهي الدنيا وما فيها. وقد عقّب الله سبحانه على هذا المثل بذكر الجبال وسيرها ، والأرض وبروزها ، والحشر وشموله ، والعرض على الله ، ووضع الكتاب ، وإشفاق المجرمين ممّا فيه ؛ قال تعالى ، حكاية عنهم :
(يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٤٩).
ه ـ وجاء في السورة أيضا إشارة إلى قصّة آدم وإبليس ، حيث طلب الله من إبليس أن يسجد لآدم فأبى ، فتقررت بينهما العداوة منذ ذلك اليوم إلى أبد الدهر. وحذر الله أبناء آدم من أن يتخذوا الشيطان وذريته أولياء من دونه ، مع هذه العداوة المتأصّلة. ثم ذكر لهم أمرا من أمور الاخرة بعد هذا التحذير من اتّخاذ الأولياء أو الشّركاء ، حيث ينادى الشركاء فلا يجيبون ،