على الحال لا على أنه خبر كان ، تقديره : كيف نكلم من في المهد في حال صباه. وقيل كان بمعنى وقع ووجد ؛ وصبيّا منصوب على الوجه الذي مرّ.
فإن قيل ، خطاب التكليف في جميع الشرائع إنّما يكون بعد البلوغ أو بعد التمييز والقدرة على فعل المأمور به ، وعيسى عليهالسلام كان رضيعا في المهد ، فكيف خوطب بالصّلاة والزّكاة ، في قوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) (٣١).
قلنا : تأخير الخطاب إلى غاية البلوغ وغيرها ، إنما كان ليحصل العقل والتمييز ، وعيسى (ع) كان واحد العقل والتمييز التام في تلك الحالة ، فتوجه نحوه الخطاب أن يفعلهما إذا قدر على ذلك ، ولهذا قيل إنه أعطي النبوة في صباه أيضا.
فإن قيل الزّكاة إنّما تجب على الأغنياء ، وعيسى عليهالسلام لم يزل فقيرا لابس كساء مدة مقامه في الأرض ، وعلم الله تعالى ذلك من حاله ، فلم أوصاه بالزّكاة؟
قلنا : المراد بالزكاة هنا تزكية النفس وتطهيرها من المعاصي ، لا زكاة المال.
فإن قيل : لم جاء السلام في قصّة يحيى عليهالسلام منكّرا ، وفي قصة عيسى عليهالسلام معرّفا؟
قلنا : قد قيل إنّ النكرة والمعرفة في مثل هذا سواء لا فرق ، بينهما في المعنى. الثاني : أنه سبق ذكره في قصة يحيى عليهالسلام مرّة ، فلما أعيد ذكره أعيد معرفة ، كقوله تعالى (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزّمّل] كأنّ ذلك السلام الموجّه إلى يحيى عليهالسلام ، في المواطن الثلاثة ، موجّه إلى عيسى عليه الصلاة والسلام.
فإن قيل : كيف تكون الألف واللام في السلام للعهد ، والأول سلام من الله تعالى على يحيى (ع) ، والثاني سلام من عيسى على نفسه؟
قلنا التعريف راجع إلى ماهيّة السلام ومواطنه ، لا إلى كونه واردا من عند الله تعالى.
فإن قيل : ما معنى قوله تعالى (وَاذْكُرْ