لَّا مَلْجَأَ مِنَ
اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (١). ترى أنّ الآية تحكي
عن أشخاص ثلاثة تخلّفوا عن الجهاد حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، فعند ذلك يسأل الإنسان نفسه ، مَن هم هؤلاء الثلاثة ؟ ولماذا تخلّفوا ؟ ولأيّ سبب ضاقت الأرض والأنفس عليهم ؟ وما المراد من هذا
الضيق ؟ ثم ماذا حدث حتى انقلبوا وظنّوا أنّه لا ملجأ من الله إلّا إليه ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة المتراكمة حول الآية ، لكن بالرجوع
إلى أسباب النزول تتخذ الآية لنفسها معنى واضحاً لا إبهام فيه. (٢) وهذا هو دور أسباب
النزول في جميع الآيات ، فإنّه يُلقي ضوءاً على الآية ويوضح إبهامها ، فلا غنىً للمفسّر من الرجوع إلى أسباب النزول قبل تفسير الآية كما سيوافيك تفصيله في مؤهلات المفسر. ٢. إنّ القرآن مشتمل
على مجملات كالصلاة والصوم والحجّ لا يفهم منها إلّا معاني مجملة ، غير أنّ السنّة كافلة لشرحها ، فلا غنىً للمفسّر عن الرجوع إليها في تفسير المجملات. ٣. إنّ القرآن يشتمل
على آيات متشابهة غير واضحة المراد في بدء النظر ، وربما يكون المتبادر منها في بدء الأمر ، غير ما أراد الله سبحانه ،
وإنّما يعلم المراد بإرجاعها إلى المحكمات حتى تفسّر بها ، غير أنّ الذين في قلوبهم زيغ يتبعون الظهور البدائي للآية لإيجاد الفتنة وتشويش الأذهان ويجعلونه تأويل الآية ، أي مرجعها ومآلها ، وأمّا الراسخون في العلم فيتّبعون مراده سبحانه بعدما يظهر من سائر الآيات التي هي أُم الكتاب. ______________________ ١. التوبة : ١١٨. ٢. سيوافيك الكلام في
الآية أيضاً عند البحث عن مؤهّلات المفسّر لاحظ : ٣٩.