بالهزّ ـ هذا لتفهيمها أنّها مسؤولة في حياتها عن معاشها ، وأنّه سبحانه لو هيّأ كل المقدّمات فلا تغني عن سعيها وحركتها ولو بالهز بجذع النخلة.
هذا ما ربما يعلق بذهن بعض المفسّرين ، ولا بأس به ، لأنّ له صلة بالظاهر.
روي أنّه بعدما نزل قوله سبحانه : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (١) ، فرحَ الصحابة وبكى بعضهم فقال : الآية تنعي إلينا برحلة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
وكأنّه فهم الملازمة بين إكمال الدين ورحلة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
نعم هناك تفاسير باسم التفسير الإشاري لا يصح إسناده إلى الله سبحانه ، كتفسير « الم » بأنّ الألف إشارة إلى الله واللام إلى جبرئيل والميم إلى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه أشبه بالتفسير بالرأي إلّا إذا كان هناك نصّ من المعصوم.
ولو صحّ هذا التفسير ، فيمكن تفسيره بوجوه كثيرة بأنّ يقال الألف إشارة إلى ألف الوحدانية ، واللام إلى لام اللطف ، والميم إشارة إلى الملك ، فمعنى الكلمة : من وحّدني تلطفت له فجزيته بالملك الأعلى.
وأسوأ من ذلك تفسير قوله سبحانه : ( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) بأن يقال : ( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ ) هو القلب ، ( وَالْجَارِ الْجُنُبِ ) هو الطبيعة ، ( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) هو العقل المقتدي بالشريعة ، ( وَابْنِ السَّبِيلِ ) هو الجوارح المطيعة لله.
فمثل هذا النوع من التفسير يلتحق بتفاسير الباطنية التي مضى البحث فيها.
______________________
١. المائدة : ٣. |
٢. روح المعاني للآلوسي : ٦ / ٦٠. |
٣. النساء :٣٦. |