المجلسي ، فهو صنّف الآيات حسب الموضوعات على ضوء ما جادت بها فكرته ، أو جاءت في كتب الأحاديث والأخبار.
وهذا النمط من التفسير لا يعني قول القائل : « حسبنا كتاب الله » المجمع على بطلانه عند عامة المسلمين ، لاهتمامهم بالسنّة مثل اهتمامهم بالقرآن ، وإنّما يعني أنّ مشاكل القرآن ومبهماته ترتفع من ذلك الجانب.
وأمّا أنّه كاف لرفع جميع المبهمات حتى مجملات الآية ومطلقاتها فلا ، إذ لا شك أنّ المجملات كالصلاة والزكاة تبيّن بالسنّة والعمومات تخصّص بها ، والمطلقات تقيّد بالأخبار ، إلى غير ذلك من موارد الحاجة إلى السنّة.
هذا بعض الكلام في هذا المنهج ، وقد وقع مورد العناية في هذا العصر ، فقد أخذنا هذا النمط في تفسيرنا للذكر الحكيم ، فخرج منه باللغة العربية أجزاء عشرة باسم « مفاهيم القرآن » ، وباللغة الفارسية أربعة عشر جزءاً وانتشر باسم « منشور جاويد » ، ولا ننكر أنّ هذا العبء الثقيل يحتاج إلى لجنة تحضيرية أوّلاً ، وتحريرية ثانياً ، وإشراف من الأساتذة ثالثاً ، رزقنا الله تحقيق هذه الأُمنية.
وإنّ تفسير ابن كثير يستمد من هذا النمط أي تفسير الآيات بالآيات بين الحين والآخر ، كما أنّ الشيخ محمد عبده في تفسيره الذي حرر بقلم تلميذه اتّبع هذا المنهج في بعض الأحايين.
والأكمل من التفسيرين في اتّباع هذا المنهج هو تفسير السيد العلامة الطباطبائي فقد بنى تفسيره « الميزان » على تفسير الآية بالآية.
غير أنّ هذه التفاسير الثلاثة كما عرفت كتبت على نحو التفسير التجزيئي ، أي تفسير القرآن سورة بعد سورة لا على تفسيره حسب الموضوعات.
وعلى كل تقدير فتفسير القرآن بالقرآن يتحقّق على النمط الموضوعي كما يتحقّق على النمط التجزيئي غير أنّ الأكمل هو اقتفاء النمط الأوّل.