٣. انّ المتشابه ما يقع ذريعة لأصحاب الزيغ لإضلال الناس وليس فيما عدّه ما يمكن به أغوائهم ، ولم تقع تلك الآيات ذريعة للإضلال في تاريخ حياة المسلمين.
وبما ذكرنا يظهر انّ الوجوه المذكورة حول تفسير المحكم والمتشابه التي ربما يناهز إلى ١٦ وجهاً احتمالات غير صحيحة نشأت من عدم التدبّر في مفهوم الآية. (١)
والذي يمكن أن يلاحظ على كلام النهاوندي هو عدّ المجمل من المتشابه ، فانّ المجمل لا ظهور له ولو بدئياً حتّى يؤخذ به ويتّبعه أهل الزيغ ، بخلاف المتشابه فهو ذو ظهور مضطرب ومتزلزل ومريب.
وأمّا الفرق بين المبهم والمتشابه ، فهو انّ كلّ متشابه مبهم الدلالة غير واضحة المعالم وليس كلّ مبهم متشابهاً.
أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فانّ قوله سبحانه : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) (٢) مبهم من حيث المقصود لا من حيث الدلالة ، ولذلك فسر الإمام تنقيص أطراف الأرض بموت العلماء. (٣)
٢. ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ) (٤) فالآية واضحة الدلالة لكنّها مبهمة المعنى ،
______________________
١. فقد ذكر الرازي في مفاتيح الغيب : ٢ / ٤١٧ أربعة أوجه ، وأضاف إليها صاحب المنار : ٣ / ١٦٣ ـ ١٦٥ ستة أُخرى ، وأوصلها إلى ستة عشر احتمالاً سيّدنا الأُستاذ. انظر في الوقوف على هذه الوجوه : تفسير الميزان : ٣ / ٣٢ ـ ٣٩.
٢. الرعد : ٤١. |
٣. البرهان للبحراني : ٢ / ٣٠١. |
٤. النمل : ٨٢. |