واضحة لا يشتبه المراد بغيره.
وهناك آيات لا تبلغ دلالتها على المعنى المراد هذا الحدَّ ، بل الناظر في بدء الأمر لا يميّز المراد عن غيره ، ويشتبه المراد بغير المراد ، كالأشجار المتشابهة مع اختلاف أثمارها كالرمّان والزيتون ، فتوصف بالآية المتشابهة لتشابه المراد بغيره ، والحقّ بالباطل.
وأمّا ما هو الوجه لنزول بعض الآيات علىٰ هذا الوصف فهو موكول إلى محله ، وقد ذكر المفسِّـرون هناك وجوهاً مختلفة لنزول الآيات المتشابهة. (١)
فهذه الآيات التي ليست لها دلالة قاطعة في بدء الأمر هي التي وقعت ذريعة عبر التاريخ في أيدي الذين في قلوبهم زيغ لإيجاد الفتنة والبلبلة الفكرية وإشاعة الباطل وستر الحقّ.
وتجد في الآيات التي تتعرض للمعارف ، هذا النوعَ من التشابه ، فالآيات التي يستشم منها التجسيم والتشبيه ورؤية الله تعالى بالحواس ، والجبر وأنّه ليس للإنسان دور في الضلالة والهداية ، كلّها من الآيات المتشابهة التي لم يزل أصحاب الزيغ يبتغون الفتنة من ورائها ، فهم يأوِّلون هذه الآيات بالأخذ بظواهرها من إرجاعها إلى محكماتها.
والراسخون أيضاً يأوّلونها.
أمّا الطائفة الأُولى فتأويلهم يتلخّص في الأخذ بالظهور المتزلزل غير المستقر إبتغاءً للفتنة ، فيغترون بظاهر قوله سبحانه : ( يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاء ) (٢) ويبثّون فكرة الجبر الذي هو سلب الاختيار عن الإنسان في مجال الهداية والضلالة ، والإيمان والكفر.
______________________
١. لاحظ المعجزة الخالدة للسيد الشهرستاني. |
٢. النحل : ٩٣. |