يعد كمالاً للجسم ، وأين هو من العلو المعنوي الذي هو كمال الذات ؟!
وقد جاء استعمال لفظ الاستواء على العرش في سبع آيات (١) مقترناً بذكر فعل من أفعاله ، وهو رفع السماوات بغير عمد ، أو خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيّام ، فكان ذاك قرينة على أنّ المراد منه ليس هو الاستواء المكاني بل الاستيلاء والسيطرة على العالم كلّه ، فكما لا شريك له في الخلق والإيجاد لا شريك له أيضاً في الملك والسلطة ، ولأجل ذلك يقول في ذيل بعض هذه الآيات : ( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ). (٢)
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ التأويل في القرآن هو ما ذكرنا من إرجاع الشيء إلى واقعه من دون فرق بين الكلام والفعل والحقيقة التكوينية كالرؤيا.
ولكن يستفاد من الأحاديث النبوية والعلوية انّ للتأويل مصطلحاً آخر ، ويطلق عليه التأويل في مقابل التنزيل ، وهذا النوع من التأويل لا يعني التصرّف في الآية بإرجاعها إلى الغاية المرادة ، وإنّما يتبنّىٰ بيان مصاديق جديدة لم تكن في عصر نزول القرآن ، وهذا ما دعانا إلى عقد الفصل التالي.
______________________
١. الأعراف : ٥٤ ، يونس : ٣ ، الرعد : ٢ ، طه : ٥ ، الفرقان : ٥٩ ، السجدة : ٤ ، الحديد : ٤.
٢. الأعراف : ٥٤.