له بتلاوة القرآن ونشره بين المسلمين ، فضلاً عن تعليم القراءات السبع لأخص أصحابه.
وأمّا الفترة المدنية ، فقد انشغل فيها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالأُمور المهمة للغاية من غزواته وحروبه ، إلى بعث سرايا ، إلى عقد العهود والمواثيق مع رؤساء القبائل ، إلى تعليم الأحكام وتلاوة القرآن ، ومحاجّة أهل الكتاب والمنافقين وردّ كيدهم إلى نحورهم ، إلى العديد من الأُمور المهمّة التي تعوق النبي عن التفرّغ إلى بيان القراءات السبع أو العشر التي لو جمعت لعادت بكتاب ضخم.
وأمّا تواترها عن نفس القرّاء ، فقد مرّ انّ كلّ قارئ له راويان ، فكيف تكون قراءاتهم بالنسبة إلينا متواترة ؟!
والحقّ أن يقال : إنّ القرآن متواتر بهذه القراءة المعروفة الموجودة بين أيدينا التي يمارسها المسلمون عبر القرون ، وأمّا القراءات العشر أو السبع فليست بمتواترة لا عن النبي ولا عن القرّاء.
وأظهر دليل على عدم تواترها عن النبي هو انّ أصحاب القراءات السبع أو العشر يحتجون على قراءاتهم بوجوه أدبية ، فلو كانت القراءة متصلة بالنبي فما معنى إقامة الدليل على صحّة القراءة ؟ فلاحظ أنت كتب التفسير وأخص بالذكر « مجمع البيان » فقد ذكر لاختلاف القراءات حججها عنهم أو عن غيرهم ، وهذا يدل على أنّ القراءات كانت اجتهادات من جانب هؤلاء.
وقد ألّف غير واحد في توجيه القراءات وذكر عللها وحججها كتباً ، منها : « الحجة » لأبي علي الفارسي ، و « المحتسب » لابن جنّي ، و « إملاء ما منّ به الرحمن » لأبي البقاء ، و « الكشف عن وجوه القراءات السبع » لمكي بن طالب.