ب : التشابه في أُصولها وذاتياتها ، لا في ألوانها وصورها.
أمّا الأوّل ، فهو ممّا لا يمكن القول به ، إذ لم تواجه الأُمّة الإسلامية ، ما واجهت اليهود في حياتهم ، وذلك :
١. انّهم عاندوا أنبياءهم فابتلوا بالتيه في وادي سيناء ، لمّا أمرهم موسى بدخول الأرض المقدّسة واعتذروا بأنّ فيها قوماً جبارين ، وانّهم لن يدخلوها حتى يخرجوا منها ، فوافاه الخطاب بأنّها ( مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ). (١) مع أنّ المسلمين لم يبتلوا بالتيه.
٢. انّهم عبدوا العجل ـ اتّخذوه إلهاً ـ في غياب موسى قال سبحانه : ( ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ). (٢) والمسلمون ـ بفضل الله سبحانه ـ استمروا على نهج التوحيد ولم يعبدوا وثناً ولا صنماً.
٣. عاش بنو إسرائيل في عصر عجّ بالحوادث ، أشار إليها القرآن ولم يُر أثر منها في حياة المسلمين ، كلّ ذلك يدلّ على أنّ ليس المراد التشابه في الصور والخصوصيات.
مثلاً انّ بني إسرائيل ظُلّلوا بالغمام ونُزّل عليهم المنُّ والسلوى ، ولم يُر ذلك في المسلمين.
وأمّا الثاني ، فهو المراد ـ إذا صحّت هذه الأخبار ولم نقل انّها أخبار آحاد غير مروية في الكتب المعتبرة ولا يُحتج بخبر الواحد في باب العقائد ـ ويشهد التاريخ بابتلاء المسلمين بنفس ما ابتليت به الأُمم السالفة في الجوهر والذات.
ألف. فقد دبّ فيهم دبيبُ الاختلاف بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتفرّقوا إلى فرق مختلفة كاختلاف الأُمم السالفة ، ولو انّهم افترقوا إلى إحدى وسبعين أو اثنين وسبعين
______________________
١. المائدة : ٢٦. |
٢. البقرة : ٥١. |