فعلى سبيل المثال ، انّه سبحانه يقول في سورة يوسف حاكياً عن العزيز انّه بعدما واجه الواقعة في بيته قال : ( إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هـٰذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ). (١)
ترى أنّ العزيز يخاطب زوجته بقوله : ( إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ) وقبل أن يفرغ من كلامه معها يخاطب يوسف بقوله : ( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هـٰذَا ) ثمّ يرجع إلى الموضوع الأوّل ، ويخاطب زوجته بقوله : ( وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ) فقوله : ( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هـٰذَا ) جملة معترضة ، وقعت بين الخطابين ، والمسوِّغ لوقوعها بينهما كون المخاطب الثاني أحد المتخاصمين وكانت له صلة تامة بالواقعة التي رفعت إلى العزيز.
والضابطة الكلية لهذا النوع من الخطاب هو وجود التناسب المقتضي للعدول من الأوّل إلى الثاني ثمّ منه إلى الأوّل ، وهي موجودة في الآية ، فإنّه سبحانه يخاطب نساء النبي بالعبارات التالية :
١. ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ). (٢)
٢. ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ). (٣)
٣. ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ). (٤)
فعند ذلك صحّ أن ينتقل إلى الكلام عن أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وذلك لوجهين :
١. تعريفهنّ بجماعة بلغوا القمة في الورع والتقى ، وفي النزاهة عن الرذائل
______________________
١. يوسف : ٢٨ ـ ٢٩.
٢ ، ٣ ، ٤. الأحزاب : ٣٠ و ٣٢ و ٣٣.