وهي : « لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب الله على من تاب ». (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ ما ذكره من الروايات أخبار آحاد لا يثبت به كون الآية قرآنية باقية حكمها منسوخة تلاوتها.
مضافاً إلى أنّ ما ذكره من وجود سورة على عهد رسول الله بطول سورة براءة من قبيل القسم الثالث ، أي نسخ الحكم والتلاوة ، لا الثاني ، ولا أقل من احتمال كونه منه إذ ليس بأيدينا شيء حتّى يحكم عليه بشيء من القسمين وانّها هل بقيت أحكامها أو لا ، ولعلّها من قبيل ما نسخت أحكامها وتلاوتها معاً.
قال الإمام الخوئي : أجمع المسلمون على أنّ النسخ لا يثبت بخبر الواحد ، كما أنّ القرآن لا يثبت به. وذلك لأنّ الأُمور المهمة التي جرت العادة بشيوعها بين الناس وانتشار الخبر عنها ، لا تثبت بخبر الواحد ، فانّ اختصاص نقلها ببعض دون بعض بنفسه دليل على كذب الراوي أو خطائه.
وعلى هذا فكيف يثبت بخبر الواحد انّ آية الرجم من القرآن وانّها نسخت ؟! نعم جاء عمر بآية الرجم وادّعى انّها من القرآن ، لكنّ المسلمين لم يقبلوا منه ، لأنّ نقلها كان منحصراً به ، فلم يثبتوها في المصاحف ، لكن المتأخّرين التزموا بأنّها كانت آية منسوخة التلاوة باقية الحكم. (٢)
والعجب انّ الشيخ الزرقاني يستدلّ على جوازه بالوقوع ويقول : « لأنّ الوقوع أعظم دليل على الجواز » وما أتفه هذا الدليل ، فانّ مجرد ذكره في كتب الحديث هل يعد دليلاً على الوقوع ؟!
وثانياً : أنّ القرآن معجز بلفظه ومعناه ، متّحد بفصاحته وبلاغته ، وقد
______________________
١. مناهل العرفان في علوم القرآن : ٢ / ٢٣٣. |
٢. البيان : ٢٨٥. |