( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَقَالُوا هَـٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَّا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَّا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ). (١)
إنّ هذه الآيات يسودها كثير من الغموض والإبهام ، ولكن إذا رجعنا إلىٰ ما رواه المؤرّخون في ذلك المضمار من تقاليدهم حينها يزاح الغموض الذي يكتنفها.
ولا يقتصر المفسِّر على هذا المقدار من التاريخ ، فانّ الآيات النازلة في الغزوات والحروب ، وفي بعث السرايا لها دور في رفع الإبهام وانكشاف الحقيقة على ما هي عليه.
وفي وسع المفسِّـر أن يرجع إلى الكتب المعدّة لبيان تاريخ الإسلام ، وأخص بالذكر « السيرة النبوية » لابن هشام ( المتوفّى عام ٢١٨ هـ ) وتاريخ اليعقوبي ( المتوفّى ٢٩٠ هـ ) وتاريخ الطبري ( المتوفّى ٣١٠ هـ ) وتفسيره ، و « مروج الذهب » للمسعودي ( المتوفّى ٣٤٥ هـ ) و « الإمتاع » للمقريزي ( المتوفّى ٨٤٥ هـ ) إلى غير ذلك من الكتب المعدّة.
قال الشيخ عبده : أنا لا أعقل كيف يعقل لأحد أن يفسر قوله تعالى : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) (٢) الآية ، وهو لا يعرف أحوال البشر ، وكيف اتّحدوا ؟ وكيف تفرّقوا ؟ وما معنى تلك الوحدة التي كانوا
______________________
١. الأنعام : ١٣٦ ـ ١٣٨.
٢. البقرة : ٢١٣.