نفس الآية الكريمة وما اختصّ بها من القرائن اللفظية ، فعندئذٍ يتميّز الظاهر عن غيره فيجب الأخذ به بلا كلام. والتجسيم والتشبيه إنّما هو في الظهور البدوي ، دون الظهور النهائي بعد الإمعان في الآية.
وما ربما يتصوّر من أنّ أهل العدل والتنزيه يحملون الآيات الواردة فيها الصفات الخبرية على خلاف ظواهرها ، فهو كلام غير صحيح ، فإنّهم لا يأخذون بالظهور التصوّري أو الظهور البدوي للآيات ، وأمّا الظهور التصديقي أو الاستقراري فيأخذونه بتمامه ، ولا يحملونها على غير ظاهرها.
ولتمييز الظهور الجزئي عن الظهور الجملي ، والتصوّري عن التصديقي نأتي بمثالين :
١. إذا قلت : رأيت أسداً في الحمام ، فلفظة « أسد » وحدها ظاهرة في الحيوان المفترس ولكنّها بظهورها الجملي ظاهرة في الرجل الشجاع ؛ فلو قيل : إنّ الجملة حملت على خلاف ظاهرها ، فإنّما يصحّ بالنسبة إلى ظهور جزء من الكلام ، أعني : الأسد دون المجموع ، فاللازم للأخذ هو الظهور الجملي لا الجزئي.
٢. إذا قلت : زيد كثير الرماد ، فالظهور البدوي انّ بيت زيد غير نظيف ولكنّه ظهور بدوي ، فإذا لوحظ انّ الكلام ورد في مقام المدح يكون قرينة على أنّ المراد لازم المعنى وهو الجود ؛ فلو قيل بأنّ الكلام حمل على خلاف ظاهره ، فإنّما هو بحسب ظهوره البدوي لا الاستقراري ، فالذي يجب الأخذ به هو الظهور الجملي لا الحرفي ، والظهور المستقر لا البدوي.
وعلى ذلك فحمل الجملة الأُولى على الحيوان المفترس والثانية على الجود أخذ بالظاهر وليس فيه شائبة تأويل ، ومن يرمي هذه التفاسير بالتأويل فهو لا يفرق بين الظهورين : البدوي والاستقراري.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم
أنّ الآيات الحاكية عن الصفات الخبرية إذا