ـ إذا ماتوا بلا توبة ـ في النار ، وجعل هذه الآية من أدلة عقيدته ، فقال : هذه الآية فيها من التهديد والإيعاد ، والإبراق والإرعاد ، أمر عظيم وخطب غليظ ، ـ إلى أن قال ـ والعجب من قوم يقرأون هذه الآية ويرون ما فيها ويسمعون هذه الأحاديث العظيمة ، ثمّ لا تدعهم أشعبيتهم وطماعيتهم الفارغة ، واتّباعهم هواهم ، وما يخيل إليهم مناهم ، أن يطمعوا في العفو عن قاتل المؤمن بغير توبة ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ).
فإن قلت : هل فيها دليل على خلود من لم يتب من أهل الكبائر ؟ قلت : ما أبين الدليل ، وهو تناول قوله ( وَمَنْ يَقْتُلْ ) أي قاتل كان ما من مسلم أو كافر ، تائب أو غير تائب ، إلّا انّ التائب أخرجه الدليل ، فمن ادّعى اخراج المسلم غير التائب فليأت بدليل مثله. (١)
إنّ ما ذكره الزمخشري بطوله قد ذكره القاضي عبد الجبار على وجه الإيجاز ، وقال : وجه الاستدلال انّه تعالى بين أن من قتل مؤمناً عمداً جازاه ، وعاقبه ، وغضب عليه ، ولعنه وأخلده في جهنم. (٢)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ دلالة الآية بالإطلاق ، فكما خرج منه القاتل الكافر إذا أسلم ، والمسلم القاتل إذا تاب ، فليكن كذلك من مات بلا توبة ولكن اقتضت الحكمة الإلهية أن يتفضل عليه بالعفو ، فليس التخصيص أمراً مشكلاً.
وثانياً : انّ المحتمل أن يكون المراد القاتل المستحل لقتل المؤمن ، أو قتله لإيمانه وهذا غير بعيد لمن لاحظ سياق الآيات. ومثل هذا يكون كافراً خالداً في النار.
______________________
١. الكشاف : ١ / ٤١٦. |
٢. الأُصول الخمسة : ٦٥٩. |